ـ ما راحت إلا على الذين كانوا يُخَلّصون أشغالهم أولاً بأول، وينهون أعمالهم من غبشة الله، لا يتكلون على سائق، ولا مندوب علاقات عامة، تلقاه «يرازّ» البلدية بروحه، وكلها حبتين خشم، وابن عمك وخويك، وراد الشأن فيك، وإذا كل مصالحه مقضية، عنده شغلة في دائرة من الدوائر، تلقاه يسرح من الصبح، ويقضي حاجته من فلان، لأنه من طرف علان، وحبة خشم على الماشي، وإذا أموره طيبة، الآن وبعد الجائحة كله «أون لاين»، وعفّدْوه في نشايب؛ مواقع إلكترونية، وهوية رقمية، و«سيستم، وداون لود»، ومساعدة افتراضية من اتصالات، وهو كان التلفون يكره استعماله لقضاء حوائجه، لأن مبدأه في الحياة صَبّح الصبح، وداقّ، لأن الحقوق تبا لها حلوق، وما يضر يكون مبتدأها وختامها كم حبة خشم، الآن وبعد ما جاء هذا الماهوب «كوفيد» لا مراجعات يومية وحيّة وبث مباشر من موقع الدائرة، ولا حبّ خشوم، بل تباعد اجتماعي، و«ماسك» على الوجه يشبه برقع الطير وإلا برقع الحرمة.
ـ يعني.. الناس في العالم كله تقضي آخر إجازة الأسبوع قبل أي مناسبة في رحلة عائلية على الشاطئ، أو في مناطق بعيدة عن المدينة تستمتع بالطبيعة الخلابة، جماعتنا الحريم خلال الجمعة والسبت لَزّمن على رجالهن المكوث في البيت، وَلَزّن هن دكاكين الميناء، وين المواعين والصحون والقدور والدلال والفناجين أو السوق الصيني، وحجتهن الاستعداد لرمضان، وتظل أنت المؤمن تتفكر، ولا تعرف أن تتدبر، ليش حريمنا يشترين كل هذه المواعين قبل رمضان؟ في الزمن الأوليّ كان الناس يبيّضون قدور الصفر، ومراجل النحاس ويصفّرونها، وترد مثل الجديدة وأحسن، كله سنون ويطير، الحين الحريم يبدلون كل سنة القدور والصحون، بحيث تقول كأنهن عائشات في مقطعة، يشعرون الواحد منا نحن الرجال، أنهن قبل رمضان كنَّ يطبخن في «درامات ديزل» أو «كلانة صبغ» أو على وجه «درام»، مب البيت والمطبخ «ممزور قدور وصحون وصواني» تقول كأنك ساكن في «المضيف»!
ـ لا أدري لِمَ بعض المغرضين حين يكرهون الآخر، يكرهونه لمزاياه، لا لعيوبه، وهو أمر يناقض الطبيعة الإنسانية العادية، لأن الذي يكرهك لعيوبك قد تحترمه، وتعذره، وتقدر رأيه، لكن المبغض والكاره لك، لمزاياك، لا لعيوبك، فهذا تجتمع فيه صفات الحاقد الحاسد المبغض الكاره، الغيور، إلى ما هنالك من صفات الذم، وهو أمر ينطبق على الإمارات في كل الحالات، هناك فئات من الناس، وجماعات يكرهونها لجميل مزاياها، لا لعيوبها، لأنهم بحثوا عن العيوب، فأتعبتهم، فاتجهوا لأي شيء جميل فيها وتفعله، وهو كثير لا يعد ولا يحصى فعابوه، وحولوه إلى ما تكن نفوسهم من غل وحقد وحسد، وقطعة شحم سوداء في صدورهم، طوال عمر الإنسان المتزن والعاقل، والذي يسمع منه وله، لم يكره الآخر لمزاياه، بل لعيوبه.