عتب البعض على ما أقرنته بالقادم من هذا العام، حين كتبت عن قراءة حتمت فيها بأن القادم أجمل وسيكون أجمل بوعد من الله، فما سبق من عام مضى كان صعباً على فهم الجائحة وقلت لما لا نرسم لوحة التفاؤل؟ وما هو أمر قد مضى، وبالأمنيات قد نكسو الغد الذي دائماً يشرق من جديد، ويكف دائماً ما قبله من ظلام دامس، هكذا تجسر الحياة برؤية خفية روحها الأمل مهما كان الأمر مؤلماً وحزيناً، فلا بد أن يتعلق الإنسان بالأمل المشرق، ومنه يزهر بروح الحياة ويقظتها ويجدد مساراتها لتجد من جديد، ها هي الأيام ما بين حلم مضى أو أمر سيمضي وآخر آت، ولا بد أن تطفئ الحياة شموعها من أجل القادم الأجمل والزاهي، ولا عتب في التنبؤ الروحي بالأجمل.
وهنا مكمن الحقيقة المطلقة حين تنبثق الأيام من مهدها على صحو وضاء وجميل وبسحر منفرد إلهاماً بالتمني أمام وحي الغموض وضعف إرادة البشرية التي فطرته على البحث عن الحقيقة المشرقة.
فكم يصبو الإنسان نحو الحلم ولا يدرك منه إلا جزءاً بسيطاً، فما كان العام المنصرم إلا عاماً غامضاً بلا هوية، وفيه تحد مستتر خلف جائحة كونية تسللت غفلة من البشرية، وفرضت واقعها ولم يكن ولا يزال لا يعلم الإنسان هويتها ولا يجيد قراءة مفاهيمها وحقيقتها، ولكن الإنسان المثابر نحو الغد نحو الحلم يستمر بتفقد صواب الحقيقة ليحرك العالم إمكاناته الهائلة، حتى توازنت لدية الفكرة وعاد إليه الاطمئنان النفسي.
قراءة القادم بالتصور والحكمة والتأمل يملأ الفراغات المحبطة يجسر بالإنسان نحو التكيف الحياتي وابتكار الصورة المثلى من الحياة وقيم مواجهة الصعاب أمام سطوة المجهول التي تلاحق البشرية منذ بدء الخليقة.
فالعالم يشيع الأمر نحو نبوءته الخيالية يبحث في التجارب ويستمر في النقيض الذي هو محض جدال وتجارب مغيباً الحقائق ونفيها ليبلغ المعرفة التامة أو هناك ما يلهم البشرية نحو الصواب أو جزء منه حتى تكتمل الصورة بعد مضامين الجهد ودلالتها الحرفية والمعرفية اليقظة المتوازية بفكر الحلم نحو الأجمل.
الإنسان يبحث دائماً عن الإرادة التي تنحت لنفسه البيئة الأزمة والمعرفة، فلا يدع ما يكلفه من معضلات يستمر في حصاره والحد من رؤاه، فالفطنة في تطلعاته الحياتية وحبه للحياة تنفتح لديه نبوات خيالية وروحية دون حد تمده بالتألق الحضاري التي قامت عليه البشرية وشكلته من دون عودة إلى أزمنة مضت، وليستمر الإنسان في رؤاه وتطلعاته وآماله التي لا حد لها مهما بلغت من شدة، فالخلود للحياة.