هِيَ الدُّنْيـا تَطُـوفُ بِهـا الحُتُوفُ
     فَتَـأتي دونَ غـايَـتِـنـا الظُّـرُوفُ
تَـمُــرُّ كَـمِثْــلِ أحْـــلامٍ تَـوارَتْ
     فَـلا بَـقِيَ الرَّبِيـعُ ولا الخَـرِيفُ
فَقَدْ رَحَلَ الذي في الخَيْرِ أعْطَى
      وَصَدَّقَ واتَّقَى رحَلَ الشَّـريـفُ
على (حَمْدانَ) فَلْتَبْكي البَواكي
      فَـإنَّ لِـفَـقْــدِهِ تَـأْسَى الألُــوفُ
هكذا فُجعت الإمارات بنبأ رحيل واحدٍ من رجالاتها الكبار، وأحد المؤسسين للعمل الوطني الاتحادي، والنشاط الاقتصادي والمالي، على المستويين المحلي والاتحادي، هكذا تباكت عليه منازل ودور أهلها في الإمارات، فقد كان يشكل ركيزة قوية في مؤسسات الدولة، وأحد الوجوه التي تستبشر بها الناس حين تجده يحاذي أخاه الشيخ محمد بن راشد، وله شورة في الصغيرة والكبيرة، وهكذا برحيل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم تفقد الإمارات واحداً من رجالها المخلصين والعاملين بقوة في تشييد بنائها لسنوات طوال تخطت الخمسين عاماً، كان سنداً يُعتمد عليه، وعضداً يُتكأ عليه، كان مع والده المرحوم الشيخ راشد بن سعيد، ومع أخيه المرحوم الشيخ مكتوم بن راشد، وأخيه الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله ورعاه، في العمل المحلي الذي يخص دبي أو في العمل الاتحادي الذي يخص الإمارات، كان سديد الرأي، حصيفاً، صارماً، تزينت عملتنا الاتحادية بتذييل اسمه طوال السنين المنصرمة، كأقدم وزير مالية في العالم استمر على رأس عمله حتى وافته المنية، وللشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، أعمال كثيرة في مجالات العمل الإنساني والخيري والتعليمي، وكانت له هوايات يعشقها، أقربها لقلبه الخيول، كان من المُقلين في الظهور الإعلامي، ولا يظهر إلا في أوقات الشدّة والضرورة، وهذه طبيعة الناس الجادين والعاملين بإخلاص، والمتفانين فيما يُوكل إليهم من أعمال تنوء من ثقلها أكتاف الرجال، ومسؤوليات كبار، تعجز عن حملها راسيات الجبال، غير أن الشيخ حمدان، طيّب الله ثراه، كان لا يرتضي إلا صعاب الأمور، وما يعجز عنه الآخرون.
لك الرحمة أيها الغالي على قلوب الناس، ولك من شآبيب الرحمة ما يجعل قبرك رطباً دوماً بدعاء الكثيرين الذين أحسنت إليهم، وقدمت لهم ما يعينهم على الزمن وقسوة الحياة، ولَك من أكف الضراعة ما يعينك على وحشة المكان، فأنت بجوار رب كريم، عفو، غفور، جواد، كريم، رحيم.
ربما غادرنا، وغادر دنيانا المرحوم الشيخ حمدان، لكنه باق على صحائف من شرف ونور، وفي القلوب كرمز يصعب محوه، فأفعاله أكبر وأجلّ من أن تُنسى، المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ حمدان غاب عنا، غير أنه لم يغب منا.