كل الأشجار جميلة وباعثة الفرح والأمل، كل أخضر من الزرع، هو عنوان الحياة المتجددة، أن تكون لديك مساحة خضراء، حديقة صغيرة في منزلك أو مكان عملك، فإنها عنوان أمل تشرق عليه الشمس كل يوم، ويبعث فيك الطمأنينة والسعادة والهدوء، حتى وإن كان سكنك عمارة أو برجاً أو غرفة مفردة، فإن بإمكان أصايص صغيرة تحمل أوراقاً خضراء أو زهرة، ربما تكون كافية أن تشعر بالسعادة والفرح، تكفي زهرة وثلاث ورقات خضراء تقدمها لنفسك، أو من تود لتزرع يوماً جديداً وفرحاً جديداً في زمنك ووقتك.
زيارة حديقة من الحدائق العامة هو عزم على أن تجعل الحياة جميلة، وعهد منا أن لا شيء يستحق أن يأخذنا إلى الذي لا نحب أو يكدر زمننا، كن رافضاً للقعود في الزوايا المقفلة، كن رافضاً للأفكار الجامدة، للنواهي والقيود الخاصة أو العامة، كن مطرقة تنشد الحرية والانطلاق إلى الفضاء البعيد إلى البساتين الخضراء وإن حاصرتك الموانع والنواهي والأوامر التي تشل عقلك عن التفكير ازرع شجرة، ازرع نخلة، وراقب دورة الحياة بها، راقب الشتاء البارد كيف ينحسر رويداً رويداً، شاهد انجلاء الحرارة والرطوبة ورياح السموم وغضب الصحراء كيف تبدو بعد رحلة المواسم وتعاقبها كيف دوران النجوم والحياة، فبعد الشدة وحريق الوقت جاءت مواسم الصيف والخريف ثم الربيع، من أجمل ما يضبط الوقت في الصحراء والسواحل هي النخلة العزيزة دورة الثمار فيها من الطلع حتى طرح الثمار مثال جميل، إن دورة الحياة ماضية برتم متوال ومتواتر لا يعبأ بكل التغيرات أو التحولات، لا يلتفت إلى الأصوات التي تبغي تغيير صيرورة الحياة، كل الظروف التي تأتي ويكثر منظروها ومحاضروها وتأثير أصواتها في بعض الناس والأمكنة ترحل وتذوب وتختفي وتظل الحقيقة وحدها ساطعة، يظل الجمال المختفي في أصوات العصافير وأوراق الشجر وألوان الزهور والورد وفي خرير الأنهار وجريان الماء والبحر هي الصادق الوحيد في مسيرة الحياة، الطريق مستمر في امتداده ومسيره والأخضر والأزرق وحدهما عنوان الحياة، أما الأصوات التي تشبه صفير العواصف، فإنها راحلة..
في ضجيج الوقت هذا أمنت بالأخضر والأزرق من أشجار تبعث الحياة وتعطيها معنى كل يوم وتدفق الماء والبحر الذي لا يتوقف أبداً، كل صباح أذهب إلى الأزرق الحبيب وأقدم له تحية الصباح أسير على امتداده مسافات طويلة، أودعه ثم أعود لمعاينة نخيلات بيتي أحصي، أفحص سعف النخيل أبحث عن طلع خرج عن بشارة الطلع، تأخر خروج الطلع هذا العام أو أنني وحدي المتعجل لمشاهدة بداية عطاء النخيل، فعلاً كنت كذلك هذا الصباح شاهدت أن النخيلات على عهدها ووعدها بأن دورة الحياة مستمرة، وأن النخلة لا تخذل الرمل والصحراء تماماً مثل ناسها القدامى، على الوعد باقون لهذا الوطن وهذه الأرض، والنخل كذلك.
أشرقت شمسي هذا الصباح بالحب والجمال بطلع النخيل وبزرقة بحر أم سقيم الجميلة، على العهد دائماً أيها الأخضر والأزرق، مرحباً بالحياة الجميلة.