أقلّب بين يدي الكتاب الرائع «حسن شريف: أنا فنان العمل الواحد»، بعد أن وصلني مع إهداء أنيق من مؤسسة الشارقة للفنون. حيث يشعر المتصفح لهذا الكتاب بمستوى الاحتراف في تصميم الكتب الفنية بمعايير عالمية، وبالطريقة التي تتعامل بها المؤسسة مع كتب الفن تحديداً من ناحية الإخراج والصور، وتوزيع المواد إلى درجة أن الكتاب نفسه يصبح في النهاية تحفة فنية. وسبق لي أن تابعت الكتب التي صدرت عن الراحل الفنان حسن شريف، سواء في الدولة أو في الخارج، لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالفخر كون هذا الكتاب صدر من الإمارات. وأحب أن أوجّه التحية إلى الشيخة حور بنت سلطان القاسمي الرئيس والمدير المؤسس لمؤسسة الشارقة للفنون، التي حررت هذا الإصدار وكتبت له مقدمة رائعة نوهت فيها بتجربة حسن شريف فنياً وفلسفياً، والذي تم الاعتراف به كقوة دافعة في خلق هوية مميزة لمجتمع الفن في الإمارات.
والكتاب كما وصفته الشيخة حور عبارة عن «مونوغراف» يقدم ترجمات جديدة من مجموعة واسعة من كتابات شريف ومواده الأرشيفية وحواراته، ويتضمن صوراً لأعمال مفقودة وترجمات إنجليزية أصلية من كتاباته الصحفية والتجريبية. وقد تم انتقاء هذه التجارب والكتابات والصور من أعمال مختلفة يعود تاريخها منذ منتصف السبعينيات حتى العام 2016. وهو ليس كتالوج معرض ولا كتاباً زمنياً، وإنما هو منشور تجريبي كما هو الفنان حسن شريف نفسه، حيث يتم سرد مواضيع مختلفة لأنشطة هذا الفنان. ولا يخدم الكتاب الاهتمام الأكاديمي بحسن شريف فقط، ولكن أيضاً الطرق التي تنتقل بها الأفكار الثقافية.
تعمل مؤسسة الشارقة للفنون على تكوين بنية تحتية صلبة لقطاع الفنون في الشارقة، وهي اليوم لاعب رئيس في سوق الفن في المنطقة والعالم، بعد أن ترسّخت تجربتها في تنظيم بينالي الشارقة الدولي للفنون لسنوات طويلة. كما أصبحت الشيخة حور نفسها قيّمة على معارض عالمية كبيرة في المنطقة من بينها بينالي لاهور العالمي، ومعرض جناح الإمارات في بينالي البندقية 2017 وغيرها الكثير. والكتاب يأتي في سياق إنجاز المؤسسة للمشاريع الكبيرة وترسيخها محلياً وعالمياً، وهي الوصيّة على مرسم حسن شريف وأرشيفه الشخصي.
شكراً على هذا المونوغراف الاحترافي الجميل، وشكراً لفريق عمل مؤسسة الشارقة للفنون، ومن بينهم نوار القاسمي مدير المؤسسة، ونورة المعلا مدير التعليم والأبحاث، على هذا الجهد المتميز جداً.