‏لكي يكونوا سنابل الحقول، يجب أن نسكنهم جنات المودة، وفسيح الابتسامات، ونذكرهم دوماً بأن الأشجار لا تنمو بعيداً عن الجداول، ونأخذ مأخذ الأحلام في بطون الغيمة، ونسرج لهم خيول العرفان، بكل شفافية ومن دون احمرار عيون، وعند شفاههم نسقط رطب اللغة البليغة، والنابغة في تخصيب الفرح، وعداً كونياً يمضي في الوجدان كأنه العذوبة بين شفتي عاشقة السرد الشجي.
الاستعداد للخمسين يبدأ من الطفولة، هذا ما صرح به سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان سمو ولي عهد أبوظبي، رئيس هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة. مثل هذه الهفهفاة تمر على الخاطر ‏كأنها بوح، وهديل، كأنها شيء من السلسبيل، كأنها نثة، من وعي المراحل، كأنها بثة من ‏شجن الفواصل، كأنها حثة من وجدان متأصل في التواصل. فهؤلاء هم البراعم، وهم ‏النواعم الذين من نقشهم تبدع السنون، ومن خيوط أنسجتهم، نبلغ مرابع ونجوداً، ونتابع على عرش الزمن طيوراً بأجنحة السعادة، وبريق التألق، واحتضان المستقبل بأعطاف ‏كأنها دفء الغيمة، كأنها لمعة النجمة، كأنها سر الخلود في مكنون الكائنات المبدعة، ‏كأنها الزمن وهو يحرر نفسه من قمصان قديمة، ليطل على الوجود بوجه مثل موجة ‏تغسل شالها بالبياض، وتحتسي عند السواحل لمضة الفرح، فرح الوصول إلى شطآن ‏ما ملت التطلع دوماً جديد يكرس وجودها، وجميل يخلد اسمها، وأصيل يمنحها الظفر ‏ببلح أيام القيظ.
أطفالنا بحاجة إلى ذلك الرنين عند المسامع، كي يعوا أنهم بأهمية ‏الصلاة والصيام، وأنهم في الأفئدة دماء تتسرب بلطف كي تجعلنا أحياء من غير لغط، ‏كي تجعلنا في الوعي ثمرات تحلب من رحيق الجداول عذوبة بقائها.
أطفالنا، أحلامنا ‏التي تسير على الأرض، وهم طموحاتنا التي تحلق في السماء، وهم أشرعتنا التي تفتح ‏نوافذ حبنا للآخر، وهم في كل ذلك مرسوم سماوي يطبع صورته في قلوبنا، ويرسم لنا ‏صورة المستقبل، على سبورة الحياة، ويكتب لنا رسالة مغلفة بمجد الذين صنعوا التاريخ ‏بدءاً من ابتسامة الطفولة، وانتهاء من نضوج ثمرات الرأس في خلد كل من يعيش على ‏أرض، الناس فيها خلايا نحل، والحب هو مسيج عذوبة ما يبدعونه.
أطفالنا هم شقائق ‏نعمان حياتنا، إن سقوا بالماء والبرد، زهت وجوههم، وترعرعت عقولهم في ميادين الفوز ‏بأعلى الدرجات، وأعظم المراتب.