كانت الشجرة في الصحراء ظلاً وخلاً وشيئاً في الوجدان مثل النغمة الهائمة في شرايين الألق. 
وكان البحر دراً وسراً وشيئاً في العينين، له بريق الحياة، وشغف القلوب الذاهبة عمقاً في الأبدية. ولم تذبل الشجرة، ولم يجف البحر، فكلاهما جدف باتجاه الحلم الأزلي، كلاهما تسامق في مشاعرنا مثل عناقيد النخلة، مثل موجة عارمة، وها نحن اليوم نقطف من قلادات البحر لمعة الظفر بالتطور، ونملأ جرات وعينا من عذوق البلح الطيب، ونمضي في العالمين بحارة بمهارة الزعانف العريقة، وحادبين في ميادين الرقي، موشحين بعلامة مميزة تشير إلى أننا تجاوزنا الأرض راصدين في الفضاء نجمة تظلل رؤوس الأشهاد، وهناك يبقى ترصدنا، وسعينا، وحثنا، وبثنا وريعان طموحاتنا، وشباب أمنياتنا، وسموق تطلعاتنا، وبسوق رؤيتنا، هناك وإلى أبعد من هناك تبقى شمعتنا مضاءة الأشرعة ترفرف كأنها الأجنحة، هناك ونحن في عالم لا يعرف إلا الأقوياء، نكلل الجهود بالعمل الاستثنائي، ونتوج العمل بمصابيح النجاح ونرفع سعرات حرارية لكل خطوة.
وفي كل خطوة نحن هناك في المستقبل نفتل خيوط قماشة الفرح، وننسج من حرير بهجتنا فساتين السعادة، ونمضي فارعين مثل الغافة، مهفهفين مثل أغصان يانعة، حبورين بشبابنا الذين يغدقون الوطن بأحلام أزهى من وجه القمر، وأرفع من محيط المريخ، شبابنا، هم سواعدنا التي تنحت المجد في ضلوع الزمن، وترسم صورة الواقع البهيج على سبورة الحياة، وتسكب رحيق الأماني في كأس وعينا، وثقتنا، وثباتنا، ورسوخنا، وشموخنا، ومهارتنا في إدارة عجلة المركبة، كي نصل، وكي نحقق ما نرمي إليه، وكي نوثق صلتنا بالوجود، وهو الذي يوعينا كي نواصل ونمضي من دون تعثر، أو تبعثر، أو تخثر، بل لنتجذر، ونغرس عروقنا في صميم الكون كرواد للنهضة العلمية في القرن الحادي والعشرين.
وهذه حقيقة وليست مصادفة أو مجافاة للواقع، فعندما يذكر التطور في مختلف المجالات لابد أن تحضر الإمارات كخلاصة لما يقدمه العالم من نبذ، أو تفاصيل؛ لأن ما يحدث في الإمارات اليوم هو شيء من الخلاص الفكري من جائحة الأفكار المسبقة، هو انفجار كوني جديد، يحدد معنى للبشرية، ويسيج عطاءها بمخمل الطفرة الجينية الثانية.