الإنسانية بخير طالما هناك عربات سريعة تمضي في أزقة العالم، وتبحث عن حلول لما أصاب العالم من تشوهات، في العلاقة ما بين الفرد والآخر.
لا شك أن هذا حدث، ويحدث في كثير من بقاع العالم، لأن هناك من تسول له نفسه، وتشجعه، وتستدعيه لكي يمضي في الطرقات مثل المفترسات في الغابة، ولكن في المقابل هناك من يقف في المرصاد، وهناك من تعنيه دموع الإنسانية المعذبة، فيهب هبة نجيب، نبيل، أصيل ويقف متحدياً الصعاب بقلب صارم، ونفس ضرغام لا يبالي في الشدائد، ولا تثنيه العقبات عن مواصلة الطريق للوصول إلى المياه الدافئة، وهناك يفتح ساعديه كما هي الأجنحة، ويلم خطا الآخر، ويحتويه، في حضن المحبة، والتسامح والانسجام، هناك يفتح البصر، وينمي البصيرة، ويقترب من الآخر، بل ويلتحم به، ليكونا واحداً في الوجود ويكونا أغنية يدوزنها عاشق، محب للسلام، والوئام، حتى تصبح الأغنية نشيداً عالمياً تردده الألسن، وتلهج به الأرواح، وتفيض به القلوب.
الإنسانية اليوم في أحوج ما يكون إلى ذلك التواصل الروحي كما هو التواصل بين أجنحة الفراشات، كما هو التكامل بين بتلات الزهور، ليصبح العالم شجرة وارفة الظل، تقطف النفوس من ثمرات نضجها، وتسمو ثم تسمو، ثم تلامس شغاف الغيمة، ثم تنسل بين الأعطاف قطرات مطر، أو نثات ندى، هنا يصبح الوجود سحابة تغسل وجدان الناس، بالعذوبة، وتمضي في المشاعر نحو هامات، وقامات، تصنع غد الإنسانية، وتصيغ أحلامها، وتخيط قماشتها من حرير التعاطي، ولا مكان لغابش، ولا داعش، لا مكان لكل من في قلبه غي، أو طغيان، لأن الحب أعظم جمهورية، أعرق سلطة في التاريخ، الحب هو الحقيقة الموضوعية في عالم أصبح في أمس الحاجة لأن يكون في صلب الموضوعية خارجاً من أذى الوهم والخيال المريض، عالم يحتاج إلى عربة التواصل بدلاً من جبال العقبات، وعراقيل تجز أعناق الحقيقة وتزهق روح الموضوعية، وتمنع الماء من أن يصل إلى الأزهار.
الإنسانية بحاجة إلى من يغمسون أصابعهم في الماء كي يبللوا ريق الحياة، ويحفظوا الود مع الوجود، ويثيبوا عشاق العالم، بنبرة هي الإكسير، وهي الطوق، والنطاق، وهي الرونق وكل الأشواق.
الإمارات اليوم هي من تقود المرحلة وهي من تمسك بالدفة كي تمضي القافلة بسلام.