لحظات فارقة عشناها مساء أمس مع دخول «مسبار الأمل» مدار المريخ بنجاح، في قفزة حضارية حلّقت بأحلام وطموحات الإمارات والأمّة، وكانت أكثر الشواهد وضوحاً على عزمنا في هزيمة المستحيل.
لم يكن الإنجاز سهلاً، لولا قيادتنا الشجاعة التي عرفت جيداً شروط الحياة في المستقبل، وأيقنت بدور العلم كأساس للتقدم الذي من دونه لا يمكن للحضارات العريقة أن تستأنف دورها.
كما لا نغفل هنا الخطط والجهود التراكمية التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي في سياق مشروع علمي وطني بأبعاد حضارية.
رسائل متعددة حملها معه «مسبار الأمل» في رحلته الممتدة لـ493 مليون كيلو متر على مدى 7 أشهر، والتي انتهت بدخول بلادنا تاريخاً جديداً وكتابة فصل جديد من فصول مسيرتنا.
أهم هذه الرسائل، من وجهة نظرنا، أنه حينما قالت الإمارات: «نريد استئناف حضارة أجدادنا» لم تكن بذلك تطلق شعاراً تسويقياً، أو مجرد كلام للاستهلاك المحلي، بل قالت ذلك من منطلق إيمانها بذاتها وإمكانات أبنائها وقدرتها على منافسة الكبار في مسارات العلوم، والتحول الواثق إلى اقتصاد المعرفة والمستقبل.
فلقد صنع الإماراتيون «مسبار الأمل»، وراقبوا صعوده من مركز محمد بن راشد للفضاء، وتحكموا في مساره من «دار زايد»، ورفعوا الإلهام العربي إلى أقصاه، وأعلنوها للجميع: أننا قادرون على بناء نموذجنا في التقدم والنهضة الشاملة التي تعمر في الأرض، وفي الفضاء، متسلحين بقيمنا العربية والإسلامية، وبالأخوّة الإنسانية مظلةً للبشر.
سيكتب التاريخ أن «عيال زايد» صعدوا ببلادهم إلى الفضاء، وحملوا معهم قيم التسامح والأخوّة الإنسانية، وعبق الطموح والتحدي.
وسيكتب التاريخ أن «عيال زايد» انضموا إلى الدول المتقدمة في قطاع الفضاء الذي لا ينشأ إلا في مناخ تعليمي متطور، وبنية مؤسسية للبحث العلمي والابتكار.
وسيكتب التاريخ أن «عيال زايد» مضوا بعيداً في مضمار التنمية، وحلقوا بطموحات شعبهم وأمتهم حيث أقصى نقطة في الكون، ليقولوا للعالم أجمع: لا مستحيل أمام إرادتنا وعزيمتنا.
واليوم، ومع دخولنا المريخ، ندخل «الخمسين» متفائلين بإنجازات نوعية قائمة على العلم والمعرفة والابتكار في مجالات جديدة نتحدى فيها المستحيل ونتخطاه، ونحوله إلى فرص.
هنيئاً لقيادتنا وشعبنا وأمّتنا، ورحم الله زايد الخير الذي من عنده بدأ الحلم.. وإلى مهمات أخرى.