الثروة دائماً تنحاز إلى الأثرياء، كما أن الفقر من نصيب الفقراء، وليست هي صبغة جينية، وإنما هي ثقافة وسلوك وتصرف، وإرادة، وتبصّر في شأن الحياة وكيفية التعامل مع المال، كما هو وليس كما تدعيه النفوس، وتطمح إليه، وتطمع به.
في تقرير لمؤسسة «يو. بي. إس»، ومجموعة «بي. دبليو. سي» للخدمات، يشير إلى أن تفشي «كورونا» ساعد على ارتفاع أسعار أسهم ومكاسب قطاعي التكنولوجيا والرعاية الصحية، ما أدى إلى نمو ثروة أغنياء العالم.
وكشف التقرير الذي يشمل أكثر من 200 من أصحاب المليارات بأن ثروة المليارديرات زادت بأكثر من الربع أثناء الشهور الأولى للجائحة لتصل إلى 10.2 تريليون دولار في يوليو الماضي، متجاوزة الرقم القياسي السابق الذي بلغ 8.9 تريليون دولار في نهاية العام 2019م.
مصائب قوم عند قوم فوائد، وهذا ما تفيض به ذاكرة التاريخ، وتمتلئ به عبر الحياة، حيث إنه ليس كل الضرر في الضرر، وإنما كل ضرر يحمل في داخله فوائده، كما أن كل حياة تحمل في داخلها بذرة فنائها، وهذه هي طبيعة العلاقة بين الإنسان، وكل ما يحيط به في طبيعته الخلابة، والجذابة، فهي تعطي كما تأخذ، وتأخذ لكي تعطي، كما أنها تعطي لكي تأخذ، ولا شيء في الحياة يسير ضمن خط مستقيم بقدر ما هي الحياة تمضي في دائرة لهما مركز، ومحيط، في المركز تثبت الجين الحيوي لاستمرار الحياة، وفي المحيط تلمع سحابة التغير والتبدل، والظهور، والاختفاء، والحياة والموت، وما بروز الجائحة واستمرارها، وارتفاع منسوب الإصابات بها إلا لأنه يعطي مؤشراً مقابلاً بأن في بروز الجائحة، هناك بروزاً آخر لانتهائها، ومهما امتد خيط الدخان الذي تصدره هذه الجائحة، إلا أنه لا بد وأن يترف في أقرب وقت الدخان الأبيض الذي يعلن عن ضمور صدر الجائحة، وزوال شدتها وتعافي العالم.
هي هكذا الصيرورة، ليست في ارتفاع مستمر، وإنما هي لعبة مزدوجة بين الأفول، والبروز، أفكارنا المتوحشة هي فقط التي تزرع التشاؤم في طريقنا، وتجعلنا نخب في بيداء البؤس، واليأس، أما الطبيعة، فهي على خلاف ما نحن نتبناه من خيال مريض، يقع في قبضة مخالب نفوسنا التي لا تقبل إلا في وضع الحواجز أمام عجلات التفاؤل، وعرقلتها وإعاقة حركتها، ليبقى الإنسان في حالة دائمة من الثراء والأنين، وهجو الحياة، على الرغم من تشبثه بها، والتعلق بمباهجها.
نحن محتاجون إلى النحلة، كي نتعلم كيف نواجه الريح كي نصل إلى الوردة.