أحضرها نبتة صغيرة، جميلة الأوراق شديدة الاخضرار، زاهية قوية سريعة النمو، في فترة زمنية قصيرة اشتد عودها، زادت أوراقها، تفرعت غصونها، ارتفعت عالياً أكثر من الشجيرات المحلية، لا تشبه شجرة الغاف التي لا تنمو سريعاً، والتي تحتاج لعمر طويل حتى ترتفع قليلاً، ولا شجرة النخيل التي تحتاج إلى سنوات حتى تثمر، نواة التمر تبدأ خطوة خطوة، يطول زمنها حتى تطرح الرطب، ولا شجرة اللوز التي تبدأ تصعد بخطوات بطيئة، وكل هذه النباتات المحلية تحتاج للزمن، تتجذر وتعانق التربة بحب واندماج، إنها بنت البيئة ولا تحتاج للعناية الكبيرة والأسمدة، ولكن زمنها أطول والعطاء المتأخر أثمن وأجمل، تماماً ينطبق عليها القول: كل شيء ابن بيئته، حتى في النباتات والإنسان وسواه..
صحيح أن الكثير من النباتات تتألق وتتوافق مع البيئة، وتصبح قوية، وتعطي أكثر عندما تجد العناية والاهتمام، بل قد تكون من مكونات هذه البيئة بعد زمن، ويألفها الناس، وتصبح أحد أهم النباتات وأكثر عطاء وأجود في الثمار، هذا ينطبق على أنواع أشجار النخيل والحمضيات وأشجار الوريقات الخضراء وبعض أشجار الفواكه.
في مجال هذا الحديث، ورحلة التغير في البيئة النباتية في الإمارات، وبعد التغير والتطور في فنون الزراعة والتواصل مع بيئات أخرى وحضور أنواع من البذور والثمار والشجيرات مع أعداد الناس التي تأتي مع البشر من كل جهات الدنيا، تحضر أيضاً نباتات غريبة مثل ناسها، وبعضها يكون مفيداً في تطوير  الخريطة الزراعية، والبعض مدمر للبيئة وغير مفيد، وربما مؤذ مثل كل شيء في حياة الناس والبشر.
قد يعجبك المنظر والمظهر، قد يعجبك النمو والاخضرار والصعود السريع للشجرة، وقد يعجبك أنها تزين الجدران والساحات والمنازل، تعجبك البدايات، ولكنها عندما تتمكن من المكان والساحة والمساحة التي تحتلها تكتشف متأخراً أنك وقعت في خطأ كبير، وعندها يصعب عليك إزالتها بسهولة.
هذا ما حدث له تماماً، أعجب باخضرار الشجرة وجمال أوراقها والنوع الجديد في شكل النبتة، طلب من صاحب المشتل أن يبتاع واحدة صغيرة جداً ليزرعها في حوش منزله، بغية أن يجمل ويزيد أنواع الأشجار في حديقة المنزل، وأسر له بأنه ملّ من منظر شجرة النخيل واللوز المحلية، وأنه يرغب في التجديد، سريعاً تعملقت تلك الشجرة، مدت جذورها إلى كل نقطة ماء تخرج في المنزل، عبرت جذورها الأرضيات ودورات المياه، سدت جذورها كل المرافق الصحية، رفعت الأرضيات والسراميك وهدمتها لسحب أي نقطة ماء أو رطوبة، سدت «بيبان» المطبخ، امتدت إلى الجيران وفعلت كذلك، لم يستطع إزالتها، أحضر عمالاً كثيرين، هدم الأرضيات، غيّر كل شيء في المنزل ليتخلص مما زرعت يداه، ندم وخسر كثيراً، بعدها عرف أن لكل أرض نباتها ولا يعمر غيره، ولا يتألف مع البيئة غيره!!