أيتها النسمة الباردة التي تبث علي رقتها في ظلال هذا المساء الأليف. هل أنت نقية من هذا الوباء الذي يتجدد كل يوم، كي أهدأ في رحابة لطفك الذي يعصف بحرارة شمس الضحى؟ حسنًا.. سأتئد قليلاً في خطاي إلى الأمل، فالمدارج تهشمت بمطارق الضلالة والأوبئة. وسيول الدماء في مدن الحروب غطت منابع الخير. وتناسل الرعب في رحاب هذي الأرض التي باركتها رسل السلام منذ القدم. فأين ترجو الصعود أيها الإنسان من حضيض هذا الزمان، الذي رش الوجود طبيعة وكائنات وحضارات ببراكين الدمار والدماء وسلالة الجائحة.؟ فويحك أيتها النفس.. لقد أضعت القصيد حين شطت بخطوك دروب الأماني وضيع لحن الأسى جميل المعاني. فالشعر كان بعض فيضك والمحبة مسراك ودربك. فكل حرف في قصائدك كان ينبض بالإبداع وعمق التأمل والإدراك، لكنك ها أنت واقفة لم ترتفعي عالياً حتى تخافي من السقوط الوشيك. ولم تغوصي في البحار عميقًا لتلتقطي اللؤلؤ من الأصداف.. لماذا؟ لأنك لم تنتق غير جمر الحياة فأحرقك وبعثرك رماداً على الطرقات ورمال الضفاف. فحدقي في هذه الزهرة البيضاء التي تنث عطرها في أرجاء بيتك، واهمسي لها: أيتها الزهرة الفاقمة بالعطر ضميني إلى حضنك. ورشي دروب حياتي بفتنة عطرك. فكل ما يحيط بي سواد ورماد وسراب. وكل حلم نقشته على صفحات أيامي تطاير في مهب الخيبات كرذاذ الضباب. حتى أصبحت كصارية سفينة في مهب رياح الزمن تطوح بي الريح حيناً فأنتشي بفتنة الشباب، وحيناً تلقي بي إلى بؤس شيخوخة يؤرجحها الاكتئاب والضجر وقلق الخوف من الغياب. فقد كنت دوماً أفكر في لغز غموض هذا الكون، وأراه كالشعاع الذي يضيء دروب خطاي. ويهمس لي أن أغوص عميقاً في أسراره، لأكتشف ما تجهله الرؤية العابرة. فلماذا يسيجني هذا الاكتئاب اللئيم ويمضغني كل صباح ومساء، كأنني علكة في فمه، لا يمل من مضغها، ولا يلقي بها كالتفل في هبوب الرياح.؟ آه.. كم وقفت على حافة الأحلام والأماني، لكن لا سماء حنت علي ولا أرض احتفت بخطاي. فيا أيها الحب، يا كيمياء السعادة في قلبي وقلوب البشر وكائنات الطبيعة. يا نبوءة السلام على أرض وطني الإمارات الحبيبة التي تنثر الحب والحضارة والسعادة والرقي، انتشلني من ظلام الكآبة والقلق والشعور المستبد باللا جدوى من كل ما أبدعت طوال سني العمر، وامح بنورك أيها الحب والسعادة ما عرقل مسار تاريخي وتطوري. واجعل من شروقك محواً للظلام، ووعداً بالإشراق والإبداع على مدى الأيام!