هنا في أبوظبي، عند جنان مرڤيستا يفيض المكان بجمال يبدو أمام الناظر كأنه في مدينة أحلام في عصور البذخ التاريخية، هنا تسير الحياة رغم جائحة «كورونا» على بسط من مخمل الفرح، والناس يغزلون حرير سعادتهم عند هذا الكون المنفتح على سماء زرقاء تظللها قصاصات من السحابات المنثورة، كأنها القطن طويل التيلة.
في خروج مباغت مع الصحبة الطيبة للأبناء، وجدت نفسي عند شفة السواحل المترعة بنعيم البهاء الرباني، وعبقرية الأيادي الباذلة. هنا تبدو مخيمات باب النجوم، كأنها مخادع ألف ليلة وليلة، تزخر برفاهية المكان، وزهو المعطى الحضاري، وازدهار المكونات التي تباهت بها هذه المخيمات، عندما تتأمل المنظر الصاحب، بكل أخلاقيات العطاء الإماراتي الفريد، تشعر أنك تجوب مساحة من عالم ما ورائي، يأخذك إلى حيث تكمن حقيقة الإبداع، ومهارة البذل، وجزالة العبقرية الإماراتية، والتي استطاعت أن تحول ألم الجائحة، إلى بلسم عافية، ومرح، يزيح عن الكواهل جل منغصات ما حدث للإنسانية من تشققات في الوجدان، وتقشر طلاء الحياة. اليوم وأنت تجول في مرڤيستا، فكأنك تطوق عنق حسناء، كأنك تسافر في سفينة ملائكية، كأنك تتبوأ مكانك في زجاجة عملاقة أحيطت بعناية من يجيد الاعتناء بالمنجز الوطني، اليوم وأنت تعبق ناظريك بمشهد لا مثيل له في الواقع العربي، تشعر وكأنك تخرج من بوتقة الظلام، لتحط رحالك تحت خيوط الشمس الذهبية، أو كأنك تعانق نجمة السماء، وتفوه للقمر، بحب لا تنبجس ومضاته إلا في مرڤيستا، هنا حيث تحط الطيور، وتسرد قصة الوجود، وما طرأ على الكون من بارق لامع، سدد خطى الغيث كي يمطر، ويسطر جملة الحياة الهانئة على بساط أرض حباها الله بعقول مبدعة، وقلوب عاشقة، ونفوس تهوى الجميل في الحياة، كما تعشق الفراشات عبق الزهور، وكما تشيد النحلة مخيم وجودها، بلباقة الأذكياء، ولياقة الأنقياء ورشاقة الأصفياء.
في هذه المدينة، ويحق لنا أن نصفها بالمدينة، يلتقي الحلم مع الواقع لينبثق الزمن الجديد من بطون الأرض الطيبة، وتمتد خصاله كأنها الشهاب، وكأنها الروح في جسد المدنفين.
في هذه المدينة، مدينة، تنفتح على العالم بباب من نجوم تخيم على الرؤوس بكل ما يخلب اللب، ويجذب الروح، كي تحلق بأجنحة الحياة، وترفرف بقماشة الفرح.