«اسحب يدك من يدي لنتحد
تلثّم أنت حقيقي بقناعك، لا بوجهك»
قصيدة من كتلة نار وغبار ووجع، قصيدة ذلك الذي يغني في الزوبعة وحده، القادر أن يغير دفة الريح ويعصر السحابة مثل عصر البرتقالة أو الليمون الحامض جداً.. أعلم أنه يشعل قصائده على أطراف العواصف ويدير الأحرف مثل بخار يغرس مساميره في بدن السفينة، يجيد إدارة براغي الوقت ويزرعها في صدر الريح. صديق أعرف أدواته وعدته وعتاده، عندما تغرب وتشرق القصائد العتيقة والطريقة العتيقة في إدارة الحروف، وحده يصنع جهة خامسة، يخرج سماء القصيدة بثقب حرف جديد ومعان جديدة وصياغة جديدة، هو حداد ونجار وحاوٍ ومرقص للثعابين، مثل هندي يلعب أو يغني مع الحيات والزواحف والثعابين. لعله نسر خر من جبال همالايا بالقصائد المرقطة، يصنع أحرفه من خزف الوقت، ويرميها مثل قلة سقطت من قمة منحدر، عندما حدث ثقب في جدار الأرض العجوز، أنسل حديثه وعزف قصيدته ليترجم الخوف الذي يوزع على الأرصفة، رماه بحجر القصيدة وخر صريعاً.. إنه الشاعر والأخ عادل خزام، هذا الخراز والحاوي والحداد والنجار الذي يحمل عدته على كتفه، وكأنه يحمل نسراً أو ببغاء، تأتي القصيدة مثل وابل من حجر وجمر في أوقات خاصة.
«إنها الأرض العجوز
ملت من الجلوس على بيضها الفاسد
بيضها الذي ظنه العلماء، كريات الدم البيضاء
وظنه جنرالات الحرب، كريات الدم الحمراء
فاختلفا»
قصيدة «كورونا.. الثقب الأسود لوجودنا» من القصائد التي لا تحضر غير في الأزمنة المرتبكة في التصدعات والارتباك، القليل من الشعراء الذي يستطيع أن يقدم صوراً من داخل الحدث وقت جريان واشتباك الأحداث، وفي الوقت الأعمى من الكارثة أو هبوب العاصفة، وكأنه يخرج إلى ساحة الحدث، ويزعق في الطرقات ويناظر الأحداث، ثم يقدم وصفاً وقدحاً ونقداً للذي يحدث أمام ناظريه. الشاعر عادل خزام من مبدعي القصيدة الجديدة في الإمارات، صاحب زاوية رؤيا ورؤى خاصة، وفي هذه القصيدة فاضت قريحته ليقدم لنا صوراً مختلفة، بعضها وصفي مرعب وبعضها تأمل ونقد في الذي يجري، ونحن في حالة من الذهول لا ندري أي الطرق أسلم للنجاة، كانت بداية أحداث هذا الحامل نعشه يجوب الشوارع والطرقات أو هكذا حاول البعض أن يقنعنا، وأن يوقف كل حركة وحرية للانتقال، حتى أنها قصمت ظهر الأرض العجوز كما يقول الشاعر عادل خزام.
ولكن دائماً الشعراء أو بعضهم مثل عادل وزملاء في أقطار أخرى، لهم زاوية وعين ثالثة يجدون منفذاً للخراب حتى عبر القصيدة، لذلك نالت هذه القصيدة إعجاب الكثيرين، وظهرت في أنطولوجيا شعرية عالمية، للشعر في مواجهة «كوفيد- 19».