باحتراف عالٍ في التنظيم، فتحت الشارقة أجنحة معرضها الدولي للكتاب. جاء الناشرون العرب محملين بالإصدارات التي ظلت حبيسة الخوف والانتظار والمجهول طيلة أيام الحظر العالمي بسبب الجائحة بالمعروفة باسم «كوفيد 19». قال كثيرون لن تكون هناك كتب جديدة. لكن، وعلى عكس كل التوقعات، وجدنا بالأمس الكثير من الإصدارات الجديدة التي أراد مؤلفوها أن تكون حاضرة في معرض الشارقة بدءاً من الأصوات المحلية الإماراتية التي جاءت مختلفة ونوعية وفيها الكثير من روح المغامرة والتجديد، وصولاً إلى الكتاب العربي الذي عادة ما تكون معارض كتب الإمارات فاتحة انطلاقته ونجاحه في دورة معارض الكتب العربية التي تبدأ من الشارقة وتنتهي في أبوظبي، وفيها يخوض الكتاب دورته السنوية متنقلاً بين معارض العواصم العربية كما جرت العادة منذ سنين طويلة.
التقيت أمس بالكثير من الناشرين العرب، وجميعهم كانوا يشيدون بخطوة الشارقة العملاقة وإصرارها على إقامة المعرض وفقاً لإجراءات احترازية عالية، مثمنين هذا الجهد الذي سيدفع بسرعة إلى تعافي صناعة الكتاب العربي التي لجم انطلاقتها الحظر العالمي للسفر. وفي أروقة المعرض، كان الجميع ملتزمين بهذه الإجراءات، حتى أن المقابلات التلفزيونية كانت تُجرى مع المؤلفين وهم يرتدون الكمامات. إذن، نجحت الشارقة في امتحانها الصعب، واستطاعت أن تغري دور النشر بالحضور والمشاركة، وقدمت لهم الدعم المادي واللوجستي ليكونوا هنا في موعدهم السنوي. كما نجحت أيضاً في جذب القراء المتعطشين إلى اقتناء الكتب بعد أن التهموا ما في حوزتهم أثناء فترات الحظر وشهوره الطويلة، والرابح في النهاية هو مبدأ الارتقاء بالوعي والفكر والإبداع.
ملاحظة ملفتة بدأت بالانتشار بين دور العرض الجديدة، وبالأخص المحلية، وهي أن كميات الكتب المعروضة تكون قليلة في العادة، ولكن في حال نفاد الكمية تقوم الدار بأخذ عنوان القارئ وإرسال الكتاب إلى منزله في اليوم الثاني مباشرة، وهي خدمة تضاف إلى جماليات المعرض بالطبع.
لاحظت أيضاً أن أجنحة بعض دور النشر أصبحت تحتل مساحات كبيرة جداً وتتوسع في كل عام لتصل إلى أكثر من عشرين متراً طولاً في المعرض بسبب العدد الكبير من الإصدارات الخاصة بها، وهي ظاهرة تجارية تركز على الكم، بينما نجد بعض الدور العربية العريقة تهتم بالنوع، وتكتفي بجناح صغير لا يتعدى أربعة أمتار لكن إصداراتها مهمة. وكلاهما يكملان بعضهما بعضاً.
شكراً لشارقة الكتاب.. وشكراً لهذا الفيض من حب المعرفة وحب الجمال.