كانت شرارة «النحس» التي جعلت ليفربول يبصر جحيماً لم يره من قبل، ويركع أمام أستون فيلا مستسلماً ومكرها، ولطالما كان بطلاً، أن حارس مرماه أدريان الذي عوض أليسون، أخطأ في تمرير الكرة لأحد زملائه، فحولها أولي واتكينز لاعب أستون فيلا، إلى كرة من نار، قذف بها في عرين «الريدز»، فأحرقه لهباً وحزناً، لأن ما سيضطرم لهب بسبعة ألسنة.
وغير أدريان، حراس كثر، من نوير الألماني إلى دي خيا الإسباني، يخطئون اليوم في تمرير كرات لزملائهم، ليس لأنهم لا يملكون ملكة ولا دقة توجيه الكرة لـ «رجل» الزميل المتحرر من كل رقابة، ولكن لأن ما أصبح يطلب منهم شيء رهيب يضيف لهم أعباء فنية وتكتيكية لا قبل لهم بها، إنهم يرمون من مدربيهم في مستنقع التماسيح.
تذكرون ذات زمن، والاتحاد الدولي لكرة القدم يفجر آخر الأحزمة الدفاعية التي تنسف ملكة الهجوم، بأن حرم على حارس المرمى أن يلتقط بيديه، كرة تمرر من رجل زميله، أن موجة من الأخطاء المحزنة والمضحكة أيضاً ضربت ملاعب العالم، فسابق الحراس الزمن، من أجل تطوير مهارة التمرير بالـ «رجلين» معاً، وفي ذلك تفوق البعض وأخفق الكثيرون، برغم أن مدربي الحراس أبدعوا شبكة من التمارين الفنية لتأهيل حراسهم، وبرغم أن المدربين يعمدون من وقت إلى آخر لترويض حراسهم بدعوتهم للعب بعيداً عن القائمين والعارضة.
اليوم لم يبدع «الفيفا» قانوناً جديداً يقلص من صلاحيات الحراس، ولكن المدربين هم الذين وضعوا قلادة من نار على أعناق حراسهم، عندما حرموا على دفاعاتهم تشتيت الكرات بطريقة بليدة وغير مدروسة، فحتى إن كان الفريق واقعاً تحت ضغط رهيب في منطقته من المنافس، فليس مستساغاً ولا مقبولاً أن يرمى بالكرات اعتباطاً في معترك المنافس، لأن المعاناة التي يتحسسها اللاعبون في استرداد الكرة، لا تعطيهم الحق لإعادتها بشكل ساذج للمنافس، حتى لو كانوا واقعين تحت ضغط يسحق الأعصاب ويضيق الخناق.
كل المدربين يعتبرون أن صناعة التحول التي هي إحدى سمات التفوق في كرة القدم الحديثة، تكون بإخراج الكرة من المنطقة بطريقة مدروسة وعاقلة لا تهور فيها، وحتى لو ضاقت المساحات وقوي الضغط وهاج المنافس مثل الإعصار، ولا بد وأن تحضر حكمة التصرف لدى الحراس والمدافعين. 
ولا يأبه المدربون في العادة بارتكاب حراسهم ومدافعيهم، لأخطاء في إخراج الكرات من مناطق ملغومة، لطالما أن البناءات الجميلة تحتاج إلى إخراج الكرات بسلاسة وانسيابية من المناطق الخطيرة والمعتمة، وهذه المعزوفة الرائعة تحتاج في الحقيقة إلى عازفين مهاريين، وإلى نغمة دفاعية لا يكون فيها مكان لا لمدافعين متهورين ولا لحراس يجيدون فقط اللعب بالأيدي، بل لحراس يبدعون بالأيدي والأقدام.