كثيرة هي المآزق السياسية والاقتصادية التي يواجهها «الخليفة العثماني الجديد»، بعد أن أصبحت عباءة الدين التي يرتديها «شفافة للغاية»، فيما «اتسع الخرق على الراتق».
آخر استطلاعات الرأي تفيد بتدني شعبية أردوغان وحزبه بشكل لافت، في ظل توتر سياسي تعيشه بلاده، وأزمة اقتصادية تضغط على مواطنيه وتلقي بثقلها على كواهلهم، مخلّفة تداعيات اجتماعية وصحية ومعيشية، زادت من نسب البطالة ومعدلات الفقر، وارتفعت بالأسعار، وتراجعت بقيمة الليرة، فيما تضاءل هامش الحرية إلى حد بات معه آلاف الأتراك غير آمنين على أنفسهم وأسرهم.
وبدلاً من أن يتفرغ لإيجاد حلول لكل هذه الأزمات المزمنة، يواصل «الخليفة المزعوم» غطرسته، محاولاً صرف النظر عن تدهور نظامه وخسائره المتتالية داخلياً وخارجياً، ثم يعمد إلى تحميل دول خليجية مسؤولية فشله الذريع في معالجة كل هذه الملفات، بل ويزعم أن هذه الدول «لم تكن في الماضي، ولن تكون موجودة في المستقبل».
ندرك أن الكذب هو الحرفة الوحيدة التي يجيدها أردوغان ومن على شاكلته، بينما التشويه لديهم فنّ له مبادئه وقواعده وصعاليكه ولجانه الإلكترونية المحترفة في اختلاق الأزمات وإيقاع الجماهير في فخ الشائعات والدعاية المضللة. كما ندرك أيضاً بأنه صاحب تاريخ مليء بالعبث السياسي والانفلات، وأدنى مستويات الكياسة والدبلوماسية، مع كثير من «المحتوى الدعائي».
ونعي جيداً أن مثل هذه التصريحات تنم عن «حقد دفين» تجاه دول بعينها في المنطقة، كان لها دورها في إفساد الخطط التوسعية لـ«ذهنية عثمانية» تلهث وراء الهيمنة وبسط النفوذ وضرب الدولة الوطنية عبر مشاريع إقليمية مشبوهة هدفها بث الفوضى، وفتح المجال أمام الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية.
أما أردوغان، فيعرف جيداً أنه لا مجال للمقارنة بين حضارتنا العربية بما قدمته للبشرية، و«حضارة بائدة» لم تقدم سوى القمع والقتل والإبادة، فيما يمثل مجرد تفكير أردوغان في وقوف أسلافنا بوجهها تهديداً نفسياً مباشراً له شخصياً، ولمريديه من العثمانيين الجدد.
بقي أن نصحح لرجل الأناضول المريض معلوماته، بأن دولنا هي الأكثر استقراراً على المستوى الاقتصادي، والأكثر مناعة تجاه المخاطر السياسية، وبينما يمثل المستقبل له هاجساً، فإننا نمتلك مقوماته وأدواته، فيما سيظل موقفنا ثابتاً برفض تدخلاته في الشأن العربي، ودعم كل الجهود العربية والدولية لمحاربة الإرهاب الذي يتبناه، والميليشيات التي يدعمها، وسنظل رافضين لكل مشاريع التوسع والهيمنة مهما كان حجم الأطماع والأحقاد.