ليس الحديث هنا عن سباق سياسي بين المرشح الديمقراطي جو بايدن والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولكن الحديث هنا عن أهم أدوات المرشحين في خوض الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وليس بسبب كورونا برزت أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في التأثير على الناخبين، فالرئيس الأوكراني زيلنسكي كان يبث برنامجه الانتخابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مخاطباً الجمهور من خلال هواتفهم الذكية، لا من خلال الدعوة والتجمهر في قاعات ضخمة وبتكاليف باهظة وترتيبات معقدة. 
وفي سباق الانتخابات الأميركية المقبلة، أغلقت شركة تويتر أكثر من 100 حساب نشط مع مناظرة بايدن وترامب تتبع دولة أجنبية، مهمة تلك الأدوات تتمثل بخلق رأي عام معين من خلال التعليق أو اجتزاء مقاطع محددة في المناظرة، ليعاد إنتاجها بما يتناسب مع الرسالة المراد إيصالها للمتابع بطريقة غير مباشرة، مع تعمد ترك هامش بسيط للجمهور المستهدف، وهذا الهامش عبارة عن مجموعة تساؤلات توصل الشخص لإجابات خطط للوصول لها، وقد يعتقد الشخص أنه مستقل حينها برأيه، ولكن في الحقيقة هو ضحية عملية كبيرة بالتلاعب في الرأي العام.
الأمر قد يبدو غريباً ومعقداً بعض الشيء في إدراك خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي اهتماماتنا، ولكن في السابق كان الأمر مشابهاً، ولكن أكثر كلفة في السعي لتغيير قناة ما، فعلى سبيل المثال، عند نهاية الحرب الأميركية - الفيتنامية كان الرأي العام الأميركي ينظر إلى أن بلاده خسرت تلك الحرب بناء على نتائج الاستطلاعات، ومن ثم عملت الولايات المتحدة على إنتاج سلسلة أفلام «رامبو» والتي كانت جلها عن تلك الحرب، وأعيدت ذات الاستطلاعات على الرأي العام الأميركي بعد عدة سنوات، فكانت النتيجة مغايرة للنتيجة الأولى.
تتغير الأساليب، وتصبح أكثر تطوراً مع مرور الزمن، وتصبح أكثر سهولة من أي وقت مضى، لذلك اليوم نعيش في عالم فرض حرباً جديدة، وهي حرب للسيطرة على الرأي العام وطريقة توجيهه وتفكيره، والتحصين الوحيد المضاد يتمثل في الوعي أولاً وأخيراً، وأن تدرس تلك الأساليب في المعاهد والكليات والجامعات، ودورات مخصصة في هذا المجال المستجد، بهدف حماية المجتمع من تلك الحرب.