لم يجف نهر الإمارات، ولم يخف جدوله عن العطاء، والتوجه بحميمية البلد الذي جاد في حبه وأجاد في سخائه، حتى أصبحت قوافل الخير غيثاً، يبلل ريق المعوزين بإكسير حياة، ويمطر الزرع بنث، وحث، ويجعل من العلاقة مع بني البشر، هي علاقة بناء المشاعر على أسس أخلاقية قويمة، مزدهرة بسمات الصحراء الأبية، وسجايا إنسانها الذي تربى على
روح التآلف، والتضامن، والتعاضد، وكف الأذى عن الصاحب، والخل والوفي.
فالجسر الإغاثي الإماراتي إلى اليمن الشقيق، هو رمش العين الذي يحمي من الغبار، وهو ظل الشجرة الذي يمنع اللظى، وهو السنبلة التي تشيع اخضراراً في الأفئدة، وهو هدب الشمس الذي يضيء الطريق للماشين في دروب الحياة، وهو ضوء القمر الذي يشير إلى بوصلة السحابة الممطرة، هو النجمة التي تطل على الوجوه كي تمنحها البريق الأنيق، ولم تتوار الإمارات بعيداً عن اليمن، بل هي دائماً في قلب المشهد، مقتربة من أنين المحتاجين كي تجفف الدموع بقماشة من حرير عطائها، وترتب وجدان المغبونين بريشة فنان عبقري له سمة الهلال، وصفات الشعاع، وميزات الأحلام الزاهية، وأخلاق الرفعة، ورفعة الشأن.
هذا هو هلالنا الأحمر، يضيء في اليمن، ويحدق في الوجوه، معلناً أنه لن يتوانى يوماً عن بث قصائد العشق، لهذا البلد الشقيق، مسومة بخدمات تشمل كل أوجه الحياة وبمشاريع إنمائية وخدمية، إيماناً من القيادة الحكيمة، من أن اليمن هو جزء لا يتجزأ من تراب الجزيرة العربية ونحن في هذه البقعة من العالم، نؤمن بأن ما يحك ظهرك غير ظفرك، ولذلك فإن الوعي الإماراتي بقيمة اليمن، بالنسبة لمحيطها العربي والخليجي، بدأ منذ قرار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بإعادة بناء سد مأرب، لما لهذا السد من قيمة استراتيجية تحافظ على اليمن، ومقدراته الوطنية.
وتأتي المساهمات التالية استكمالاً لمشروع الإمارات في الحفاظ على اليمن، والدفاع عن سيادته، ومعاضدة شرعيته، ودرء أخطار الانشقاقات الداخلية، ومنع التدخلات الخارجية والتي تهدف إلى إضعاف اليمن، والسيطرة على مفاصل الحياة فيه، والتحكم في مصيره، والذي لا يمكن فصله عن مصير أبناء المنطقة.
 إذن، المساعدات الإماراتية لم تكن في يوم من الأيام إلا كوازع قيمي، ومبدئي لن تتزحزح عنه السياسة الإماراتية، لأنه يكمن في صلب سياسة الحب ضد الشر، وضد الكراهية، وضد الأجندات البغيضة، وضد الأوهام، وخيالات المرضى وكل من أصيبوا بالعصاب القهري، وأمراض البارانويا.