قبل أيام وردتني رسالة «واتساب» من رقم هاتف صديق تحمل رابطاً فحذفتها على الفور، لأن لغة وصيغة الرسالة لا تمت له بصلة، فقد كانت بالفرنسية التي أعلم تماماً أن علاقته بها كعلاقتي باللغة الأمهرية. ولأنه من الواضح أن هاتفه قد تمت قرصنته أو «تهكر» بلغة المختصين، في ظاهرة تتزايد بين فترة وأخرى، يدخل معها ضحاياها دوامة مزعجة ريثما يستعيدون حساباتهم، البعض منهم ينجح وبسرعة في معالجة الأمر، وآخرون وبحكم عدم الخبرة والمعرفة يغرقون.
ومن هنا أحيي مبادرات العديد من الجهات وفي مقدمتها هيئة تنظيم الاتصالات ودوائر الشرطة وحتى المصارف الذين يحرصون على تبصير العامة بطرق حماية حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك هواتفهم النقالة التي لم تعد في زمننا الحاضر مجرد وسيلة للتحادث قدر ما أصبحت ذاكرة صاحبه ومخزن أسراره.
لذلك كان اختراق وسرقة بيانات الهواتف والمعلومات والصور التي تحويها مادة خصبة للابتزاز الإلكتروني الذي أصبح له قراصنته المنتشرون داخل وخارج الدولة، والذين تنجح أجهزتنا الشرطية -عند الإبلاغ عنهم- في الوصول إليهم وتقديمهم للعدالة حتى وإن كانوا غير متواجدين في البلاد، وذلك عن طريق الشرطة الدولية وبالتعاون مع نظيراتها في البلدان الشقيقة والصديقة. وقد لمسنا ثمار جهودها خلال موجات قراصنة من إحدى البلدان الأفريقية.
ولأهمية الموضوع كانت دائرة القضاء في أبوظبي قد خصصت ملتقاها الإعلامي الـ72 الأسبوع الفائت لمناقشة الظاهرة التي أكدت الدائرة من خلاله «انخفاض أعداد المتهمين في جرائم تقنية المعلومات خلال العام الحالي إلى 424 متهماً و430 قضية و349 شاكياً مقارنة بالعام الماضي حيث سجلت 1202 متهم و1233 قضية و1160 شاكياً». مشكلتنا مع هذه الجرائم وجود شريحة من الضحايا تستسلم وترضخ للابتزاز خوفاً ممن تعتبره «فضيحة» دون أن يدركوا أنهم بممارساتهم تلك يشجعون المجرم الافتراضي على التمادي في جرائمه وطلباته. ولا يطلبون تدخل الشرطة إلا متأخراً. ومن هنا أكد الملتقى على «عدم الرضوخ للابتزاز وسرعة التواصل مع الجهات الأمنية وإبلاغها عن المبتزين».
 وبصراحة الجميع في المجتمع بحاجة للتوعية، وبالأخص الشباب والمراهقين من الجنسين حول كيفية حماية أنفسهم من الوقوع ضحايا للابتزاز الإلكتروني، وعلى أولياء الأمور والأسر متابعة الأبناء ومساعدتهم فأغلب القضايا كانت بسبب «الخوف» من ردة فعل الأهل والاستمرار في التكتم على الأمر، وحفظ الله الجميع.