هذا فجر الإمارات، وفخرها وعزها، يوم تبوأت في العالمين، نجمة ونعمة وقيمة وشيمة وطلة وسيمة، ونبرة تطوق الدنيا بموال خليجي، ومنوال أريجي، هي هكذا تألقت وتناسقت وحدقت في الدنا، فإذا بها ترسم صورة غير الصورة النمطية، وتحلم بعالم تسوده السعادة وتؤمه الرفاهية، وتغدقه السياسة الحكيمة، بنث، وبث، وحث باتجاه السلام، والوئام والانسجام، وتعمل دوماً على ترتيب وجدان الناس، وتهذيب ملاءتهم، وتشذيب أشجارهم، وملء وعائهم بأشواق الأقمار الطالعة نحو فضاءات لا تغشيها غاشية، ولا تشوبها شائبة.
الإمارات منارة، وقيثارة، وأيقونة تضيء المكان والزمان، برؤى واضحة وصريحة، لا يغبشها جدل عقيم، ولا يعرقلها كائن سقيم، تلون حياة المغبونين بأجنحة الفراشات الصحراوية، وتعطر دنيا المكسورين بعبق الوردة البرية.
قد يفيض البعض بتخرصات، وتمتلئ جعبهم بالتكهنات، ولكن القافلة تمر، والموجة الصادقة تغسل السواحل من زبد الحانقين والحاقدين، ومركب السفر الطويل يعبر المحيط متأبطاً إرادته، متأزراً بقوة العذيمة، الفكرة النيرة، والحلم الزاهي، لا شيء يعيق الإمارات عن الإمساك بالحقيقة، ولا شيء يصدها عن السير قدماً باتجاه الأفق، لأن الحقيقة، هي أن تكشف عن نفسك، ومن يكشف عن نفسه يبدو في الكون شمساً ساطعة، وسحابة ممطرة، وسماء صافية، وأرضاً مخضرة بالعشب القشيب، والغصن الرطيب، والفكر الخصيب.
هذا النبع، هذا الكعب العالي، هو الذي يجعل من الإمارات صهوة لا ترتخي، ونخوة لا تضمر، ونشوة ترفرف لها أجنحة الطير، وتهفهف لها أوراق الشجر، وترتاح لها القلوب، من بعد ضجر، وقهر، وكدر.
هذه الإمارات يا عالم من هضبة في الصحراء النبيلة، جدلت خصلات سياستها، وامتازت بالخلود، وهذه الإمارات يا بشر تطلع من موجة في بحر الخليج العربي، لتعلن للعالم أنها النسمة التي تروغ عن وجنة امرأة ثكلتها الكراهية، غبار سنوات من الادعاء، والافتراء، والهراء، هذه هي الإمارات تخرج من ضلع الشفافية، لتجفف عرق إنسان فلسطيني، أنهكه انتظار ما لا يأتي إلا بانتهاج سبل الحقيقة، والذهاب قدماً نحو مواطن الصدق، وموائل الحب لقضية ما كان لها أن تفك عقال بؤسها إلا بالتخلص من الوهم، والصور الخرافية، وأحلام ما قبل النوم.
الإمارات بحنكة الأوفياء، وضعت الأصبع على الجرح، وتركت للآخرين أن يلعقوا صديد قرحة الكراهية.