أحلم بأن يتوحّد العرب على كلمة سواء، ولو مرة واحدة، من أجل درء خطر الأطماع في حياضهم، مجرد حلم أطلقه ولعلّه يتحقق في ليال اسودت سماؤها، وغشت نجومها هالة من غيمة غاشية.
ما يحدث على الأرض العربية، يجب أن يهزم كل النظريات والتنظيرات، وأن يطرد في الذاكرة أجندات خاب مسعاها، وألّب علينا القاصي والداني، وصارت الذئاب المريضة تتغذى على تشققات قماشة أحلامنا، وأضحت الاصطفافات ضد حمى أوطان كانت بالأمس هنا، واليوم قد شاخت ركابها، وأصبحنا نندم على السيئ، عندما اجتاح الأسوأ الكرامة والشهامة، ولم يبق أمامنا إلا الرّجاء من كل ذي ضمير حي، بأن يتطلّع إلى المستقبل بعين مفتوحة، فما تفعله جائحة الأطماع يثير الفزع، ويفتح نافذة أوسع لليأس والإحباط.
دول كانت نكرة بعد أن هزمها التاريخ، أصبحت اليوم تهدّد، وتتوعّد، وتعربد، وتسود في الجهات الأربع من وطننا العربي، ليس لأنها أصبحت قوية، وإنما لأن إرادة العرب ضعفت، بعد أن قال أحدهم: «إذا سلمت أنا وناقتي، ما علي من رباعتي»، بهذا الوعي الضحل، سوف نؤكل كما أكل الكائن الأسود لأن العصي إذا تفرّقت سهل كسرها، واستطاع الغاشمون التسيّد، والغطرسة، والتعجرف، والتباهي بقوة هي في الأصل وهمية، خرافيّة، كما هي انتماءاتهم، وحزبياتهم الخربة.
أحلم بأن تصبح مخاوفي وهماً، وأن يتداعى العرب جميعاً، لتلبية دعوة من قبل جمهورية مصر العربية، والانضمام إلى أيادي الخير التي تمدّها ضمائر آمنت بالحب مبدأ، وقيماً، ونخوة، واتخذت من صون الحياض مشروعاً إنسانياً لا يقبل القسمة على اثنين، وأتمنى بأن يعلو صوت الحق من قبل المؤسسات الدولية، وأن تصرخ في وجه الظالم والمفتري، وتحدّه، وتصدّه، وتردّه، وتقول له إن الله حق، وإن للشعوب العربية حقاً في العيش السعيد، كسائر شعوب الدنيا، وإن تنفيذ الأجندات الدينية والسياسية يجب ألا يكون على حساب مستقبل شعوبنا وأوطاننا التي كانت لها الأسبقية في بناء الحضارة الإنسانية، وهي الأولى من غيرها من المدّعين بأن تتبوأ مكانتها الدينية والسياسية في هذا العالم.
أتمنى أن يخرج عمر مختار جديد، يحرّر ليبيا من الزائفين، والمعتدين، ويعيد هذا البلد معافى مشافى إلى حضنه العربي.