كان مركز أبوظبي للفحص والصحة الوقائية «الطب الوقائي» يُضرب به المثل في سرعة الأداء ودقة التنظيم واليسر والراحة في التعامل، وكان مقره صورة للمرافق التي أعادت هندسة إجراءاتها لتحقق غاية سامية في إسعاد المتعاملين معها، لجهة سرعة استقبال وفحص المراجع في أقل من 30 دقيقة ليتسلم نتيجة الفحص خلال 24 ساعة ورقياً أو رقمياً، ولكن هذا الحال انقلب رأساً على عقب ليس فقط بسبب جائحة «كورونا» وإنما الارتجال في ترتيب الأمور لسبب لا يد للمركز فيه.
من يذهب إلى ذلك المكان يكاد لا يتبين معالمه من الخارج بسبب الحشود والطوابير الطويلة التي تتدفق عليه منذ ساعات الصباح الأولى وحتى نهاية الدوام الرسمي عند السادسة مساء. وهم من المقيمين الراغبين في تجديد إقاماتهم المنتهية قبل مارس الماضي، والتي كانت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية قد تقدمت بمقترح اعتُمد قراراً، باعتبار تلك الإقامات سارية المفعول حتى 31 ديسمبر المقبل، قبل أن يتم التراجع عنه منذ يوليو الماضي، وتحدد «الهيئة» مواعيد جديدة لاستقبال معاملاتهم من جديد وبفحص طبي بعد أن كانت قد استغنت عن هذا الشرط لبعض الوقت مع بدء الجائحة.
كما ساهمت شركة صحة في تفاقم الوضع الذي لم يكن متوقعاً بإصرارها على تقديم الخدمة في المكان ذاته ذي الطاقة الاستيعابية المحدودة، وما ترتب عليه من بقاء المراجعين تحت الشمس والرطوبة العالية في وقت كان بالإمكان التنسيق مع الشركات التي يتبع لها هؤلاء العمال للحضور في مواعيد محددة أو فحصهم في عيادات متنقلة في سكنهم العمالي، وتخصيص هذا المركز الواقع في قلب العاصمة للأسر المقيمة والعمالة المنزلية أو اعتماد مستشفيات ومراكز صحية خاصة، للمساهمة في إجراء الفحوص على غرار فحص «كوفيد ـ 19»، بدلاً مما نشاهده اليوم من مناظر غير حضارية جراء التكدس والازدحام والطوابير الطويلة، حيث ينتظر الفرد ما لا يقل عن ساعتين لإنجاز أمر لم يكن يتعدى نصف ساعة على أكثر تقدير.
التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات مطلوب في ظل هذه الظروف التي فرضت أوضاعاً جديدة، وأربكت العمل في العديد من القطاعات، ولكن استطعنا تجاوز التحديات التي ترتبت عليها بالتنسيق وحسن التخطيط وتضافر الجهود للخروج بمرئيات تضع في المقام الأول الصورة الحضارية للأداء التي تحقق الكفاءة العالية والجودة في الخدمات وفي الوقت ذاته راحة المتعاملين.