لطالما تحدث الكثيرون من قبلنا، خصوصاً الآباء، عن لبنان وجماله وروعته وتسميته بسويسرا الشرق، كل تلك الصفات الحميدة والجميلة، التي زُرِعت في أذهاننا عن لبنان، ليس لطبيعتها ومقوماتها السياحية، بل هناك محبة يحظى بها اللبناني على المستوى العربي بشكل فطري، جاء ذلك بسبب الكتاب والمثقفين والشعراء وأهل الفن، عرفنا عن اللبناني أنه فاره الذائقة المحب للتعايش والسلام، لكن ما الذي حدث ؟ ما الذي تغير؟ من عبث بلبنان؟ تلك لا تحتاج منا لإجابات، فهي معروفة الأسباب لدى الجميع، ولتلك الأسباب تفاقمت الأزمات في لبنان، ولا يكاد أن ينام اللبناني على مصيبة إلا وتبعته مصائب الأخرى، فأصبح أكبر طموحه أن يصحو من نومه وهو حي.
الظروف التي يمر بها الشعب اللبناني لا شك أنها صعبة، والأكيد في هذا الإطار أنه يدفع ضريبة كبيرة بسبب إلباس الدولة رداء الطائفية، بعد أن كان لبنان يرتدي رداء السلام والتحضر، ومهما كانت الخلافات حول التوجهات الخارجية للبنان، يجب أن ندرك أمراً هاماً وهو الرجوع للأصل.
 الأصل في لبنان أن الدولة تكن الود والاحترام للدول العربية، ولكن الاستثناء أنها تمر بظروف داخلية مؤثرة وتدخلات خارجية وضعت الشعب بين فكي كماشة الإرهاب والفساد، لذلك لاحظنا بعد التفجير المؤسف الذي وقع في بيروت، مطالبات الرأي العام اللبناني بضرورة أن تكون المساعدات الخارجية متجهة للشعب لا الحكومة، ولا أعتقد أن تلك المطالبات كانت من فراغ، وإنما من تجارب سابقة مروا بها، وبغض النظر عن تلك المطالبات يجب أن يدرك الجميع، أن تقديم العون للشعب اللبناني لا يجب أن يكون من باب الشفقة، وإنما من باب الواجب الإنساني وأخلاق الفرسان.
قبل عقود، لم تكن الإمارات كما هي الآن، ولم يكن لبنان كما هو عليه الآن، تبدل الوضع وتغير الزمان، وتغيرت القيادات، ولكن بالنسبة للإمارات لم يتغير موقفها من الشعب اللبناني العزيز، وستبقى كما هي داعمة ومتضامنة معه.