كن كما تريد أن تكون، وأنا أحييك، ومستعد على أن أبذل كل ما بوسعي لتكون أنت كما أنت، وليس كما أريد أنا، ولكن كل ما أريده هو ألا تعترض أنت طريقي، وألا تكون عقبة تحول طريقي إلى حفر سوداء، وصخرة كأداء، وصورة شوهاء، وفكرة عرجاء.
نحن شركاء في الوطن، ولكن ليس من الضرورة أن نكون صورة طبق الأصل، ومن علامة مميزة واحدة.
نحن بشر، وخلقنا لكي نكون متنوعين، ومختلفين في الوجه واللسان، وعليك أن تتقبل ذلك وتحترمه، وتقدّره، وتقابله بالحب، ليس بالكراهية والنفور.
فلا أنت تمتلك ناصية الحقيقة، ولا أنا كذلك، ولكن كل واحد منا يملك البحث عن الحقيقة، ويرفع الأسئلة لتكون بحجم العقل الذي كرّمنا الله به، وجعلنا خلفاء على الأرض، لنصون الأمانة، ونحفظ المنجَز الحضاري الذي حققه العقل البشري، ويفتخر به ويعتز، لأنه المنجز الذي يميّزنا كبشر عن سائر المخلوقات، فنحن خلقنا لكي نتطور، ونطور أدوات سلوكنا، ومن دون تنازع على مَن الأفضل؟، ومَن الأحق؟.
نحن بحاجة إلى الحب، وفي غنى عن الكراهية، لأننا في الحب نزرع شجرة الأحلام الزاهية، وبالكراهية نفتك بكل ما هو جميل.
فلا تقل لي كن كما أنا، لأنك لست الوصي على عقلي، كما أنني لن أرغمك على أن تصبح شبيهاً لي، ولكن كل ما سأرفضه منك، هو عندما تقف في وجه أحلامي، وعندما تفكر في سرقة طموحاتي وتحويل الوطن إلى شريعة غاب، ينهش فيها القوي لحم الضعيف، وتكون أنت ذئباً منفرداً يهيم، ويسوم الوطن سوء العذاب، ويحرم أهله أمنهم واستقرارهم، هنا سأقول لك، هذه ليست حرية يا هذا، هذه خطوة مشؤومة، تخرجك عن النص، وتجعلك شوكة في خاصرة الوطن وجذاماً يأكل الجلد، ويمحق اللحم، وينخر العظم، هنا يصبح من حقي أن أقمعك، وأن أقف حداً، وسداً في طريق حماقتك، هنا لابد وأن أصبح أنا السيف الذي يقطع أواصر عصبيتك، وشذرذك، لأنك لامست أنملة الخيانة، وفرّطت في قيم لايمكن السكوت عليها، أو حتى تجاوزها، لأنها ثوابت الوطن، وللوطن حق علينا في أن نحفظه من الزلل، ونحميه من الشطط، ونصد عنه الغلط، ونسد عنه ثغرة اللغط.
كن كما تريد أن تكون، ولكن لن أدعك تذهب في الشارع المعاكس لشارع الوطن، وليس لدينا سوى شارع واحد، ألا وهو شارع الحب، الذي هو قامتنا، وقوامتنا، وقوتنا، وقيمتنا، وهو الساهر على الربت على أحلامنا، وهدهدتها، لننام جميعاً على مهد الطمأنينة، وجمال التعامل مع الآخر.