هي نجمة كانت بين يدي ليفربول لعقود من الزمن، حاك بها ضوءاً نيزكياً أنار كل إنجلترا، قبل أن تغيب فجأة وسط غيمات سوداء.
لم يفلح «الريدز» لثلاثين سنة كاملة، في التربع على قمة «البريميرليج»، برغم أنه نجح في وضع تاج الدوري، الأجمل والأمتع في العالم، على رأسه في 18 مناسبة خلال 90 عاماً سابقة، وبرغم أن ليفربول في العقود الثلاثة التي خلت من أي تتويج بلقب الدوري، فاز مرتين بدوري أبطال أوروبا، ليصبح ثالث نادٍ أوروبي في ترتيب أكثر المتوجين، بعد ريال مدريد وميلان الإيطالي، فإنه كان أبعد ما يكون سعيداً.
ثلاثون عاماً، وليفربول يزرع في كل موسم أملاً ولا يجني إلا الألم، إلى أن جاء الكيميائي يورجن كلوب لدفة القيادة، ليضع خريطة طريق، سارت بالفريق لموسمين كاملين في محيطات كثيرة، إلى أن اهتدى بعدها للنجمة المفقودة، وقلت في هذه الزاوية نفسها، عندما حط كلوب الرحال بـ «الريدز»، إن براجماتية الألماني، وواقعيته في وضع فلسفة اللعب، وكيميائيته في تفجير المكنونات الفنية بداخل لاعبيه، ومهارته في خرق المستحيل، ستضعنا أمام ليفربول جديد، يذكرنا بالأجيال الذهبية التي تغنى بها «الأنفيلد». 
بعد أن ارتضى ليفربول بوصافة الدوري الإنجليزي، في الموسم الماضي خلف السيتي، كان هناك ما ينبئنا بأن الزمن الفعلي لـ «الريدز» قد بدأ، كان ذلك بالوقوف شامخاً على قمة الكرة الأوروبية، وأيضاً بالظهور اللافت في دوري هذا الموسم، فلم يترك ليفربول بجماعية الأداء المبهر، وبمنظومة تكتيكية غزلها كلوب من السهل الممتنع، أي شيء للمصادفة، فقد كان مع حلول مارس، وأياماً فقط قبل حلول جائحة «كوفيد - 19»، من دون خسارة، بل إنه من أصل 29 مباراة، لم يخسر سوى نقطتين.. 
ومع ما انتشر، في أعقاب الجائحة، من أخبار تقول بإمكانية إعلان موسم «أبيض» في إنجلترا، كان من الصعب فعلاً أن نتصور كيف ستكون الحالة النفسية للملايين، من مناصري الحمر الذين «هرم» بعضهم، من أجل هذه اللحظة الرائعة، والتي اهتدى فيها «الليفر» للنجمة المتخفية وراء الغيمات، اللحظة التي هزم فيها «جائحة كورونا» وجائحة الشك والتوجس، واللحظة التي تمرد فيها مناصروه على الأحكام العرفية لـ«كوفيد - 19»، وأطلقوا العنان لفرحتهم لتعم البلاد، وكل ذلك تحقق ببراجماتية مدرب، وبروح فريق لا يقهر، وبأعجوبة كروية عربية، «مو صلاح»، جاءت إلى ليفربول هديةً من أرض الفراعنة والأساطير.
تعالوا، إذاً، نغني مع جماهير «الليفر».. (عندما تسير عبر العاصفة، أبقِ رأسك مرفوعاً، ولا تخشَ الظلام، فعند نهاية العاصفة توجد سماء ذهبية)، في كبدها نجمة أيقونية.