قال يورجين كلوب، وهو يجلس على قمة كرة القدم الإنجليزية الآن: «بيب جوارديولا هو أحسن مدرب في العالم.. هو الأفضل بين كل المدربين الذين أعرفهم».. وقال كلوب هذه الكلمات لصحيفة بيلد الألمانية، بينما صرح المدرب الإسباني: «سنقدم كل التحية لفريق ليفربول، بطل الدوري، من خلال «ممر شرفي»، عندما نلتقى معاً يوم الخميس.. سنحيي ليفربول، عندما يأتون لملعبنا، بطريقة رائعة.. سنقوم بهذا لأنهم يستحقون ذلك».
المدربان الرائعان جوارديولا ويورجين كلوب، يتنافسان فوق منصة المجد على المراكز الأولى، في كرة القدم الإنجليزية منذ سنوات. هما يتنافسان ويبذل كلاهما أقصى جهده، بحثاً عن التفوق، لكنهما لا يتصارعان، ولا يمارسان المبارزة بالأفواه وبالكلمات بطريقة مبارزات المجالدين الرومان القدماء في الكوليزيوم، حيث كانت تنتهي المباراة بمقتل أحد المصارعين!
سألني شاب مصري عاشق لكرة القدم، تعليقاً على تلك الكلمات المتبادلة بين المدربين الرائعين: «ما هذا الرقي.. هل هي لغة صعبة علينا؟» 
أجبت بوضوح: لا.. فمن السهل جداً التقاط كل المعاني الجميلة والنبيلة، عندما نفهم قيم الرياضة وأهدافها، وعندما ندرك أن المنافسة تعني أن يفوز الأفضل في لحظة ما، وأن الانتصار يتحقق بالجهد والمثابرة والإبداع والكفاح الذي يرقى إلى مستوى النضال.. 
يوماً ما، قال الفيلسوف الجزائري الأصل، والفرنسي الجنسية، ألبير كامو: «إن كل ما أعرفه عن الأخلاق وواجبات الإنسان أدين به لكرة القدم»!
إنه قول بات مأثوراً، وبات محفوراً في ذهني، منذ مارست الرياضة طفلاً وشاباً، ثم مارستها كمهنة، وكنت أتساءل دائماً، وما زلت، لماذا تبدو الروح الرياضية في عالمنا الرياضي بعيدة، بنفس قدر مسافة ابتعاد كوكب زحل عن كوكبنا.. هل احتساء قيم الرياضة ومعانيها الجميلة تحتاج إلى عقول تخترع سفينة فضاء، أم أنها تحتاج إلى عقول منفتحة تستقبل الجمال والمعاني الحلوة في المنافسة؟ 
إن فكرة «ممر شرفي» ينظمه فريق مانشستر سيتي على ملعبه «الاتحاد» يوم اللقاء مع ليفربول.. هي فكرة نبيلة.. وبالمناسبة، يدرك جوارديولا أن بعض الجماهير المتعصبة، قد لا تحب ذلك، لكنه يدرك أيضاً أن معظم الجماهير والشعوب سوف تحب ذلك، وسوف يكتب العديد من الصحفيين في عالمنا العربي تعليقات الإشادة والتقدير لمثل تلك التصريحات، وسوف يكتب صحفي مثلي في جريدة عربية كبيرة مشيداً بهذه الفكرة، وبتلك التصريحات التي صدرت من المدربين الكبيرين يورجين كلوب وبيب جوارديولا. 
** لعل الدرس يصل ولو متأخراً، وذلك أفضل كثيراً من ألا يصل أبداً..!