قبل شهور عدة وإثر عودته من رحلة علاج طويلة خارج وداخل الدولة، أصرّ على أبنائه وزملائه أن يصحبوه في زيارة للمقر الرئيس للصحيفة التي عشقها وأفنى زهرة شبابه في خدمتها. عندما كان يجول بين الأقسام على كرسيه المتحرك في قاعة تحرير «الاتحاد» لم يتعرف عليه أغلب الموجودين، ولكنه كان يحييهم بحرارة صديق قديم وبنبرة تقدير رغم صوته المتعب وعينيه اللتين كانتا تتحركان في كل اتجاه تقرأ تفاصيل المكان، ومهنة تبادل كل من عشقها حباً ووداً وعلماً وعملاً.
كان ذلك اللقاء الأخير المباشر مع فقيدنا وفقيد الإعلام الرياضي الإماراتي سالم راشد الشرهان، والذي غادر دنيانا الفانية ليحتضنه ثرى رأس الخيمة بالأمس. 
قبلها كنا نلتقي في الاجتماعات الرسمية للصحيفة أو الملتقيات والمنتديات الإعلامية التي يحرص على حضورها باعتبارها -كما كان يقول- فرصة لتعزيز روابط العاملين في مجال الكلمة ومسؤولية القلم ورسالة الإعلام، ويطرح آراءه ووجهات نظره بكل هدوء ورقي.
كما كنت أتواصل معه بين فترة وأخرى عبر الهاتف إنْ كانت هناك من متابعات للصحيفة من خلال مكتبنا في رأس الخيمة، فيأتيني صوته الهادئ مطمئناً بأن «الأمور طيبة» ولا داعي للقلق. تشعر من صوته بأن له طقوسه في التصدي للقلق، بل يعمل كل ما في وسعه لتبديده ونشر الثقة والطمأنينة، وكان ذلك سلاحه في رحلة المرض الذي تحداه في الكثير من محطاته.
عرفناه بدماثة خلقه وهدوء طبعه وحبه للجميع وعطفه عليهم ودأبه للخير، ومن خلال دوره في «الاتحاد الرياضي» صحفياً ميدانياً وكاتباً وناقداً رياضياً، ومن بعد عندما تولى إدارة مكتب «الاتحاد» في رأس الخيمة قبل أن يقعده المرض عن مواصلة مسيرة مهنية ناجحة كان شديد الاعتزاز والفخر بها، ويعتبرها مدرسته الأكبر ضمن أسرته الصحفية الكبيرة.
في تلك الإمارة الجميلة التي كان يعشقها، تشكلت شخصية «أبو راشد»، ومنها كانت انطلاقته، يحمل العشق ذاته للمكان وللمهنة وللهواية التي أحبها كرة القدم، وتحديداً نادي الإمارات الذي كان يحرص على متابعة مشاركاته من على المدرجات بكرسيه المتحرك، ولم يسمح لعشقه لهذا النادي العريق أن يؤثر على كتاباته ونقده الرياضي في نموذج للكاتب المسؤول.
رحم الله سالم الشرهان، وخالص العزاء لأسرته الصغيرة والكبيرة، سائلين المولى عز وجل أن يسكنه فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.