شكوى الناس اليوم بعد الحظر، هي فواتير الماء والكهرباء في زمن الوباء، والتي تضاعفت مرة ومرتين عن القيمة المعتادة للفواتير السابقة، والتي تقول الجهة المختصة إنها فواتير تقديرية، لأنه من الصعب قراءة عدادات الماء والكهرباء في زمن الوباء، ولا أدري إنْ كانت تلك العدادات مدفونة تحت «صَبّة» المجلس أو هي مركبة في الصالة العائلية تحت «الروزنه»، جل العدادات الكهربائية معززة مكرمة في صندوق خارج المنازل، وبالتالي لا تقارب في هذه النقطة، طيّب قلنا إنها أرقام تقريبية، لِمَ كلها في صعود، ولا أي منها في نزول؟ ما عليه.. قلنا نحن- المواطنين- خط ثانٍ في الدفاع هذه الأيام، وسنؤمن بقول شركة الماء والكهرباء إن فواتيرنا في الجائحة ستزيد، وقد تصل الفاتورة بعدد صفحات مقدمة ابن خلدون، لأن السبب معروف، وهو وجود كل الأسرة طوال اليوم في المنزل، وبالتالي أمر طبيعي أن يزيد الاستهلاك، لذا من المتوقع أن ترتفع الفاتورة، وعليه يجب أن ندفع قيمتها راضين قابلين بالأمر، لأن معظم المواطنين الكرام «يتغاضون» عن الموضوع، ولا يتقاضون مع شركة كبيرة مثل شركة الكهرباء، لأن مبدأهم من زمان أنهم لا يريدون «صدعة» الرأس مع جهة من الجهات الأربع الرئيسة في الحياة التي لا تعترف بأي خطأ منها، والحق دوماً على الجمهور مثلها مثل شركات الاتصالات، لكن ما ذنب دكتور طبيب، وهو من الخط الأول، وأهله محجوزون في بلده، وهو يقدم خدماته في أبوظبي منذ أن عمّ الوباء، وبيته في العين ليس فيه غير الناطور الذي يسقي الزرع، ويهش عن البيت الدواب، لِمَ هذا الطبيب أيضاً تصله فاتورة الماء والكهرباء ثلاثة أضعاف؟ رغم أنه أقسم مرة ثانية، غير قسم «أبقراط» الذي أقسمه في بداية عمله المهني، أنه لم يفتح بيته سبيلاً خلال تلك المدة، وأن الناطور لو يتغدى الملح ما صرف ربع تلك الفاتورة، أسرة شمّعت بيتها لأنها كانت في الحجر الصحي، و«عجوزهم وبشكاراتها» زبنّن في العزبة، فاتورتهم التقديرية لِمَ تخطت ألفين درهم؟ بيت جديد ما «واحى» أحد يسكنه، ما فيه غير شجرة لوز وسدرة ونخلتين، وهذه جميعها ما تشرب في الشهر «درام ماي»، ولا فيه لا ثلاجة ولا سخان، ولا الصريخ، كيف صارت فاتورته حوالي ثلاثة آلاف؟
لا تقولوا لنا «السيستم»، نحن ما صدقنا أنه في زمن الجائحة نسينا هذه الكلمة، ونسينا وجوه الموظفين الذين لا يعرفون غيرها للتهرب والتعلل والتسويف، ولا تقولوا لنا هذا عدّاد رقمي، نسبة الخطأ فيه جزء من تريليون في الثانية، لأن الجمهور مقتنع أنه مثل عدّاد «عبدالحسين عبدالرضا» الذي يجعله «يَفِرّ، ويونّ»، وبعدين بكرا داخلين في البيات الصيفي الذي سيتكالب علينا مع الجائحة والحظر المنزلي، وأعتقد أن فاتورة الماء والكهرباء ستصل إلى خمسة أضعاف مضاعفة بشكلها التقديري الجديد، ولا تقولوا ما قلت لكم، بكرا أسرة تأتي مطالبة أن فاتورتها عالية، وهي مسافرة، ما في سفر مبين في الطريق، رغم أن شركة الكهرباء تحب «السفر» وتفرح بـ «السفر» لو في القايلة!