حين جاء معالي المستشار تركي آل الشيخ إلى الرياضة، دهم مغردون حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ونبشوا تغريداته نبشاً دقيقاً، بحثاً عن الفريق الذي يشجعه، عن إجابة لسؤال: تركي آل الشيخ وش «لونه»؟! تمهيداً لتصنيفه، ثم اختيار الطريقة الملائمة لمهاجمته، وتحديد الأسباب المناسبة لهزائم أنديتهم «مبكراً»!
فوجد هلاليون ما يقطع شكهم باليقين، أنه نصراوي المال والمآل، والهوى والهوية، ووجد نصراويون ما يدل بشكل قاطع أن دماءً زرقاء تجري في عروقه، وأن في الهلال ما يبهجه ويروقه، فيما انحاز الاتحاديون والأهلاويون إلى الصمت، الصمت المؤقت الذي لا يعرف الحقيقة، لكنه ليس مستعداً لتصديق أي شيء.
وحين بدأت مرحلة تصحيح الأخطاء، ونزع الغطاء عن المستور والمقبور، ومراجعة الأوامر، وتقليب الأمور، ومواجهة الرؤساء والجمهور، عادت مدرجات الاتحاد والأهلي إلى ساحة التصنيف، وقرروا (جمهور كل فريق في اتجاه) أن «أبو ناصر» عدو مبين، وأنه يجب أن يغادر المنصب على ظهر «هاشتاق» يتصدر المشاهدات في السعودية، فكان الهاشتاق تلو الهاشتاق، مرة باللون الأزرق، وأخرى بالأصفر، ومرات بالأخضر، وأحياناً يكون مرقطاً وكأنه جلد نمر!
يقول أهلاويون: إن آل الشيخ تعمد كسر ظهر الأهلي، حين أبعد رموزه الذين هم ثروته وقوته، وعقله المدبر، فيرد عليهم اتحاديون: بل هو الذي أنقذكم من عقوبة الهبوط، ومنع عن حارسكم وقائدكم قراراً بالشطب كان قيد الطباعة، وأوقف انتقال هدافكم إلى النصر.
اتحاديون أيضاً يتهمون تركي بتعمد كسر ظهر الاتحاد، وأنه السبب في هبوطهم المريع في المراكز الثلاثة الأخيرة، حين استبدل رؤساءهم واحداً تلو الآخر، وألغى عقد مدربهم الفذ، ولم يتعاقد لهم مع لاعب نجم، كما فعل للهلال وللنصر، فيرد عليهم أهلاويون: بل سدد ديونكم، وجلب لكم مدربين عالميين، وتعاقد لكم مع أكثر من 12 لاعباً أجنبياً، بل إنه «وعدكم بما يسركم» كتبها صريحة «لا تقبل التأويلا»، فيما كان يفعل ما يُحزننا!
هلاليون اتهموا المستشار بأنه حارب الأزرق أملاً في أن يغرق، ألغى توثيق البطولات، وأعلن في لقاء تلفزيوني استياءه من تصدر الهلال للدوري بفارق كبير من النقاط، ثم أقال رئيسه، وكان وراء إقالة مدربه الداهية، بل إنه استجاب لمشجع نصراوي طلب منه في المدرج فزعته مع فريقه، بأن قال له: «على خشمي»، وهو ما فسره مشجعون بأنه وعدٌ بحصول الأصفر على بطولة الدوري، فيرد عليهم نصراويون: آل الشيخ أعلنها صريحة «أنا هلالي»، وحمل كأس الدوري وقبّلهُ وكأنه رئيس النادي، ولم يدعم فريقنا بأي محترف أجنبي أسوة ببقية الأندية، ومنع انتقال لاعبين هلاليين إلى النصر، وضخ في خزينتكم الزرقاء أموالاً هائلة وطائلة لتفوزوا بكأس آسيا!
لم يكن تركي آل الشيخ مع نادٍ ولا ضد آخر، بل كان مع الإنجاز.. أصاب وأخطأ، نعم، لكنه في الحالات كلها كان قوياً، واجه الجميع، ولم يتنصل من مسؤولياته، وتحملها بكل شجاعة، كان يصدر القرار ويتصدر المشهد لشرحه بالتفصيل، لم يهرب يوماً من مجابهة حشود الرافضين، ولم يختبئ في «بيان» متردد.
ليس مهماً معرفة «اللون» الذي يحبه معالي المستشار، وليس مهماً أن نتفق أو أن نختلف معه، أن نحبه أو أن نكرهه، لكن من المهم جداً أن ننصفه، أن نعترف بأن أثره واضح، وأن تأثيره قوي، وبأنه رئيس استثنائي.