من أين ينبع التفاؤل والأمل في حياة الإنسان؟ من أين ينبع هذا السحر ويحيل الذبول إلى نضارة واليباس إلى اخضرار؟ من أين يشع التفاؤل والأمل ليضيء كون الروح ومحيط الوجود ويجعل من هذا الكائن البشري الحائر في تفسير الأوبئة والكوارث، إنساناً خارق القدرة مفعماً بروح الإبداع والخلق وابتكار المدهش والمثير؟
 إن منابع التفاؤل تكمن في طبيعة الكائن البشري وحده، في تميزه عن كائنات الطبيعة الأخرى. هذا التميز الذي جعله يرتقي من حالة بدائية إلى كائن حضاري باحث متحرك، يكتشف قوانين الطبيعة وأسرارها الخفية، مسخراً هذا الاكتشاف لتغيير القوانين ذاتها، جاعلاً من وجوده قيمة أعلى من مجرد قانون بيولوجي شأن الكائنات الأخرى التي ينحصر ذكاؤها في فطرتها الأولى. كائنات الطبيعة غير البشرية لا تعرف إلا قانون الفطرة للدفاع عن حياتها بشرطها البيولوجي. أما الحياة بمفهومها البشري فتتسع إلى ما لانهاية، لتشمل مفاهيم لا حصر لها أبدعها الإنسان ليجعل من وجوده فريداً متميزاً بين كائنات الطبيعة ويدرك كل أشكال الحياة على هذا الكوكب. إن منبع هذه القدرة يكمن في ذلك الإحساس بالذكاء وبالأمل، ذلك النور الذي يشع من ثنايا الروح البشرية ويضيء عتمات التاريخ. إنه النور الذي ارتقى به الإنسان، وتطور، وأبدع الحضارات عبر العصور. 
إذا كان في طبيعة كل إنسان يكمن يأس ما لسبب طارئ، فإنه بشعلة التفاؤل والأمل سيضيء عتمة اليأس ولن يستسلم له. لأن التفاؤل هو الوعي بالحياة في حركتها المستمرة، وهو الوعي بالزمن ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. ومن دون هذا الوعي يقف الإنسان في السكون واليأس. مرت البشرية في مسيرة تطورها بكوارث لا حصر لها، وليست كوارث الطبيعة إلا جزءاً يسيراً منها، لا يقاس بالكوارث التي ابتكرها البشر أنفسهم، بينما هم يبتكرون وسائل التطور والتغيير. لكن في كل ذلك التناقض كان الأمل هو خيار البقاء أمام الموت، والبناء أمام الهدم. وفي هذا الزمن الذي تعلو فيه ضجة الموت الذي يهدد الإنسان، يصبح التفاؤل والأمل هو الوعي بالحياة وأرقى وأبلغ درجات الشجاعة لمواجهة هذا الفيروس الشرس! في حالات الجفاف قد لا نستطيع أن نعتصر السحاب ونأمر المطر، لكننا نستطيع أن نحفر الصخر بحثاً عن الينبوع وننثر بذار الأمل لنخصب الصحارى. في حالات الموت قد نعجز عن رده، لكننا حتماً نستطيع أن نبدع أسباب الحياة بقوة التفاؤل والأمل!.