قد يصاب البعض بالدهشة، وقد يشعر الناس بالذهول لما يحدث في العالم، ولكن ربما لا يصيب الشخص مثل هذا الشعور، إذا اقتنع أن الإنسان عليه أن يتوقع كل شيء، وألا يصدم لمجرد طارئ طبيعي يحدث في العالم.
يجب أن نؤمن بأن من طبيعة الحياة هي الحركة، وخلال الحركة تحدث تغيرات، هذه التغيرات قد تكون سلبية أو إيجابية، وعلى الإنسان أن يتقبلها كما هي، ومن دون توجس أو ضجر، لأنه ما من كائن على الأرض يستطيع أن يغير الحتميات، وكل ما يبدر من الطبيعة هو حتمي لا يجب أن نعتبره نشازاً.
المهم في الأمر أن نكون جاهزين نفسياً لكل التغيرات وكل ما يحدث في الطبيعة، حتى نستطيع أن نعيش، وأن نستمر أصحاء، ومن دون ذعر أو عصابات قهرية، تفشل مشاريعنا الحضارية، وتطيح بطموحاتنا.
اليوم، عندما لا تجد الصديق الذي كنت تلتقيه في كل يوم، وعندما تغادر العصافير التي كانت تغرد في منزلك، وأصبح التواصل عبر الهاتف فقط، عندما يحدث مثل هذا التشقق في القماشة الاجتماعية، يجب ألا نفزع، وألا نقرع أجراس الخطر، بل يجب أن نصمد أمام الجائحة، وأن نتكئ على جدار العقل، وأن تقتنع بأن بعد كل عاصفة، تهطل الأمطار، وتخضر الأرض، وينبت الزرع، ونستطيع أن تعيش بأجمل ما كنا عليه.
المهم في الأمر أن نمتلك ذلك الجدار، وأن يكون سميكاً، وقوياً، بحيث لا تتهاوى أجزاؤه أمام العواصف، نحن محتاجون إلى الوعي قبل أي شيء، الوعي الذي يوصلنا إلى شطآن الأمان، وبأقل الخسائر، والوعي الذي يجعلنا نتكاتف، ونتحالف ضد المداهمات التي تسري في كوننا وألا نعتبرها جريمة، بقدر ما هي سجية من سجايا الطبيعة، التي تلهمنا كل ما نحتاجه، ولذلك علينا ألا نرتعد عندما يحمل الليل شرشف البرودة القارسة، وألا نغضب عندما يأتي النهار بقميص الحار جداً.
نحن مطالبون بأن نحتفي بكل ألوان الطبيعة، ونتعامل مع المرض كما نتعامل مع الصحة، لأن كلاهما ليسا نقائض، بقدر ما أنهما متقابلات في الدورة الحياتية الواحدة.
وكما أننا أصحاء، فلا بد أننا سنمرض، وقد نشفى أو نموت، فالأمر سيان، ولماذا الاستنكار؟ ولماذا الفزع؟ يجب ألا نشجب المرض، كما أننا يجب ألا ننكص، ونصاب بالإحباط، ونقول إننا سنموت، ولا شفاء من مرض ما.
التطرف في تلقي أسباب الطبيعة، سبب جوهري في انتشار الأمراض، لأننا عندما نهرب من العدو فإنه يلاحقنا، ومن ثم يهزمنا، وعندما نعترف بوجوده، ونواجهه بمنطق العقل، نستطيع أن ننتزع عافيتنا من بين أضراسه.