عند كل صباح، وأنت تقف أمام شرفة المنزل، تنظر إلى الطير، وتتأمل اللوحة التشكيلية من حولك فتشعر بالسعادة، وعلى الرغم من صياح الشاشات الإعلامية، والإحصاءات المخيفة في عدد المصابين، أو المتوفين جراء جائحة كورونا، فإنك الوحيد في هذا العالم أو هكذا تشعر، أنك المبجل في هذه الحياة، وأنك المدلل في هذا الوطن، لأنك محاط بأيد أمينة، ومطوق بقلائد من حب.
اليوم، ونحن في وسط المحيط، نحن في قلب العاصفة نشعر أننا قد خرجنا، ونحس أن الأيام تمسك بزمام الأمور، وتأخذنا إلى بر الأمان، لأن هناك خلف جدران المستشفيات، يكمن سر النجاة، وطوق الفرح، هناك كائنات ملائكية تخوض معركة المصير، ضد أشرس وباء منذ زمن الطاعون، والسل، والجدري، وغيرها من الأوبئة الفتاكة.
هناك وبصمت، تمر أياد بيضاء على شفاه المرضى، وتلهمهم حب الحياة وتلقنهم سر أن يعيش الإنسان متفائلاً، وأن يقف في مقابل المرض بقلب ملؤه التفاؤل والفرح.
وبهذه النيرفانا العظيمة، سوف نعبر، وسوف ننتصر، وسوف نصل إلى الضفة الأخرى، ونحن محملون بأهم تجربة مرّت على أهل الإمارات، وسوف نقدم للعالم درساً في الصمود، والتلاحم، والانسجام، والتضامن بين كل أفراد المجتمع، من مقيمين، ومواطنين على حد سواء، لأن الإمارات استطاعت خلال عقود من الزمن أن تستقطب مشاعر الكل من أجل الكل، وأن تجعل بلادنا محط أنظار الشعوب قاطبة، بما كرّسته من أسس أخلاقية وما رسّخته من قيم، تجاوزت الفردانية، منسجمة مع المجموع، حتى أصبح الجميع يمضي في المكان ممتلكاً كيانه، متحزماً بإرادته، متأزراً بوعيه، وبقناعته، بأنه لا وجود له من دون الآخرين، ووطن الآخرين هو هذه الواحة، وبالتالي فإنه لكي يكون لا بد وأن يصبح عضواً فاعلاً في المجموع، ولكي يكون فاعلاً عليه أن يكون صادقاً، ولكي يكون صادقاً، عليه أن يكون محباً.
بالحب ألبست الإمارات قاطنيها سندس السعادة، وإستبرق التفاني من أجل بناء وطن السعادة.
فلا يمكن للأحلام أن تكبر، وأن تترعرع، وأن تزهر أغصانها، إن لم تحدث هناك رعشة الانتماء، وإذا لم تحدث نفضة العشق، وها هي الإمارات، وفي خضم الفيضان الوبائي في العالم، تقف عاشقة للحياة، ويدها ممدودة للأحياء، بكل سخاء، وبكل وفاء، والملايين من البشر، يمدون الأيدي شاكرين، توق الإمارات لإضاءة وجدان العالم بنجوم العطاء، وترتيب مشاعر الناس أجمعين، وإزالة غشاوة الهم عن قلوبهم.