جيشنا الأبيض من الأطباء والممرضين والمتطوعين خط دفاعنا الأول في مواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد ـ 19، وبالمقابل هناك رأس حربة هجوم الفيروس، وفي مقدمته غير الملتزمين بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية والصحية، ومن بينهم عمال توصيل الطلبات، سواء التابعين لشركات التوصيل الكبرى أو البقالات أو المطاعم.
 في ظل الظروف الدقيقة التي نمر بها مع تداعيات الجائحة، بات الاعتماد كبيراً على خدمات هذه الفئات، التزاماً من المتعاملين على البقاء في البيوت وعدم الخروج إلا للضرورة. وهو الأمر الذي اتبعته العديد من دول العالم، وبالذات في الصين، وتحديداً مدينة «ووهان» التي يعتبرها الإعلام الغربي مسقط رأس الفيروس، حيث بادرت المطاعم وضمن جهودها لطمأنة المتعاملين معها بتدوين درجة حرارة الطباخ مجهز الوجبة، وكذلك حرارة زميله الذي قام بتوصيلها للمستهلك ضمن فواتيرها، مع الالتزام التام والصارم بارتداء الكمامات والقفازات والتعقيم المستمر.
 اليوم اعتمادنا الكبير والواسع على خدمات التوصيل، لا يعني استغلال تلك الجهات حرص الناس، بالمبالغة في أسعار خدمات الجهات المختلفة، سواء المطاعم أو محال التجزئة الكبيرة، والتي يفترض أن تظهر قدراً من المسؤولية المجتمعية، وعدم استغلال الظروف، خاصة أن الدولة أعفتها من رسوم عدة، وقدمت لها تسهيلات عديدة ومتنوعة لتخفيف الأعباء على الشركات، وبالأخص المتوسطة والصغيرة.
للأسف البعض من هذه الشركات ومحال التجزئة الكبيرة استغل الوضع، وبات يفرض رسوماً إضافية لخدمات التوصيل، منها من اخترع رسماً مقابل التوصيل المبكر، ولأن الكثير منا يشتري ما يحتاج إليه في اللحظات الأخيرة ولا يستطيع الانتظار لأيام أخرى، يرضخ ويقبل بدفع الرسم الذي يصل في بعض الأحيان إلى خمسمائة درهم لتوصيل الأجهزة الكهربائية الضرورية كالثلاجات والمكيفات وغيرها.
نحيي هنا خطوة «مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة» الذي أتاح بالتنسيق مع مركز النقل المتكامل ضمن مبادرات دائرة البلديات والنقل، استخدام سيارات الأجرة الفضية وأسطول المركز لتوصل «المير الرمضاني» للأسر مجاناً لبعض الفئات من كبار المواطنين والأسر المحدودة الدخل، ومقابل سعر رمزي لبقية فئات المجتمع. خطوة كنت أتمنى من شركات التوصيل الاقتداء بها واستلهام دلالاتها بدلاً من استغلال حاجة الناس وسط هذه الظروف التي نمر بها، والعتب كل العتب على «حماية المستهلك» في وزارة الاقتصاد، بينما البلديات ودوائر التنمية الاقتصادية أكثر يقظة لما يجري.