السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أنا معك».. دراما الضمير واختبارات الربح والخسارة

«أنا معك».. دراما الضمير واختبارات الربح والخسارة
15 فبراير 2020 00:05

عصام أبو القاسم (دبا الحصن)

 أعاد العرض الإماراتي «أنا معك»، الذي قُدم في افتتاح مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي بدورته الخامسة، الفنان الشاب عبد الرحمن الملا إلى الإخراج المسرحي، بعد مرور نحو أربع سنوات من آخر عمل أخرجه، وكان تحت عنوان «ونين غبيشة» 2017، كما شكّل العمل مناسبة للالتقاء لأجيال عدة من المسرحيين المحليين، وبصفة خاصة من مؤسسي ومنتسبي فرقة مسرح كلباء، فلقد كتبه جمعة علي، وشارك بالتمثيل فيه جمال السميطي وعبير خليل، وأدار ندوته التطبيقية فيصل الدرمكي.
 عن ضرورة صون كرامة الإنسان والدفاع عنها حتى لو أدى الأمر إلى التضحية بالذات، حكى العرض الذي تكلم باللغة العربية، واستمر لنحو ساعة من الزمن، فالرجل (أدى الدور جمال السميطي) الذي كان طبيباً تحول إلى متشرد يعيش من بيع أصداف البحر، تاركاً حياته المرفهة وبيته الفسيح والناس ومجتمع الأنس والإمتاع، ليسكن في مركب بحري متهالك مهمل يربض في ضفة ما، ولقد فعل ذلك كما سنعرف في الجزء الأخير من العرض لأجل أن يحمي ويربي الفتاة التي أنقذها حين كانت طفلة صغيرة من براثن ثلة من أصحابه تتاجر في الأعضاء البشرية، وكذلك لأجل أن يدرأ الخطر عن نفسه، فهو لم يهرب بالطفلة فحسب، ولكنه رأى أيضا ثلته، وهي تقتل والدي الصغيرة، ولذلك يشعر بأنه عرضة للملاحقة والقتل.
وتثير هذه المقاربة المسرحية سؤالاً في مستواها العام وهو: هل نحمى حياة الآخر حين ننقذه من الموت لنلقي به في وهدة التخلف والجهل بحرمانه من التعلم ومخالطة الناس والعيش في قلب المجتمع؟
ولعل الملمح الأبرز في الصياغة الإخراجية لعبد الرحمن الملا تمثل في تشكيله فضاء عرضه، بحيث يظهر البيئة المكانية لوقائع المسرحية، فلقد جعل المركب يمتد في حيز كبير من وسط الخشبة، وثمة شباك وسلال وأصداف وحبال وملابس معلقة وموزعة في مناطق مختلفة من أعمدة وزوايا ومتن هذا المركب، وقد بدت متداخلة ومشتتة على نحو يعكس الفقر والبؤس والإهمال، كما عمد الملا إلى رسم حركة الممثلين، بحيث تتراوح ما بين أعلى المركب وأدناه أو على درجات سلمه، وذلك تبعاً للمواقف التمثيلية والحالات الشعورية، والتي كان يجسمها عبر الإضاءة والموسيقى.
وُيستهل العرض بمشهد نرى فيه «الرجل» وهو يحادث، وبصوت مخمور، رنين الهاتف، ثم نراه، مع خيوط الإنارة، وقد بدا كمن يكلم فتاة متوهمة لا وجود لها، باستعلاء واستخفاف، ثم راح يتحرك بخطوات مهتزة، وفي يده قنينة ثمالته، وقد بانت ملابسه الثقيلة مرقعة ووسخة.
وعندما تدخل الفتاة (أدت الدور عبير خليل)، وتكتشف أن الرجل لم يفق من سكرة البارحة، وهو لم ينهض إلى البحر ليأتي بسمكة للغداء، تبدأ في التذمر والاحتجاج.
وفي المواجهة بينهما تتكلم الفتاة، التي تظهر في هيئة متشردة بملابسها المرقعة هي الأخرى، عن حياتهما الهشة وفقرهما، وعن الجوع، ومعنى العيش والعمل والشرف والمال، وعن مهنتها «بيع الصدف»، وعن غياب الأهل والضيوف والعزلة والانقطاع عن المجتمع، كما تتكلم عن عيون الناس التي تأكلها، وأسئلتهم التي تلاحقها في الشوارع.
وحين حاولت الفتاة بعد وقت قصير أن تعدل الطقس بينهما أتت مبشرة بأنها رزقت ببعض المال وقالت للرجل إنها التقت أحدهم في الطريق وأبدى إعجابه بها ووضع في يدها ورقة مالية لم تعرفها، تحفز الرجل واستبشر ولكنه ما لبث أن استشاط غضباً، بعدما فحص العملة، بصورة مفاجئة وصادمة جعلت الفتاة تستغرب وتطرح عليه الأسئلة التي لطالما لم تجد إجابات لها: من أنا ومن أنت.. هل خطفتني..؟!
 من هنا يبدأ التحول في المسار الدرامي للعمل، إذ إن الفتاة تهدد بأنها ستغادر المكان فيضعف الرجل ويبدأ في استعادة وسرد الماضي ليكشف في مونولوج حزين عن السر الذي ظل يطويه في نفسه لسنين، ويبين لها أين عثر عليها وكيف دفع حياته ثمناً لأجلها.     

ملتقى
 تنطلق عند الرابعة من مساء اليوم بالمركز الثقافي لمدينة دبا الحصن فعاليات ملتقى الشارقة السابع عشر للمسرح العربي تحت شعار «المسرح والخيال» بمشاركة مجموعة من الباحثين العرب، وهم: عبد الله راشد (الإمارات)، أحمد البدوي، وميسرة صلاح الدين، وجمال ياقوت (مصر)، جاسم الغيث (الكويت)، صوريا غجاتي (الجزائر)، وعمر الرويضي، وعزيز ابلاغ (المغرب)، وعماد الشنفري (سلطنة عمان).

حضـور
برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، انطلقت مساء أمس الأول بالمركز الثقافي لمدينة دبا الحصن، فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان المسرح الثنائي الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة في الشارقة. حضر حفل الافتتاح سمو الشيخ سعيد بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بخورفكان، وأحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة ومدير المهرجان، والعديد من الفعاليات المدنية والاجتماعية في المنطقة، واستعرضت في حفل الافتتاح أسماء العروض المشاركة والأنشطة المصاحبة للدورة الحالية، كما تم تقديم المخرجين الخمسة المشاركين، وهم من الإمارات وفلسطين ومصر وسلطنة عمان والمغرب. وبدأت أنشطة اليوم الأول بورشة تدريبية بعنوان: «التناص والاقتباس في نصوص المسرح المدرسي» أشرفت عليها السورية أمل حويجة بمشاركة 50 متدرباً من مختلف الأعمار. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©