الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انفجار الزائدة يكشف الأخطاء القاتلة

انفجار الزائدة يكشف الأخطاء القاتلة
27 ابريل 2005

صلاح الحفناوي:
'صدق أو لا تصدق·· فهذا هو ما حدث· الأطباء يخطئون في تشخيص الزائدة الدودية والنتيجة متاعب تفوق التصور ورحلة طويلة مع الخوف والألم'·· بهذه الكلمات بدأ القارئ الذي أطلق على نفسه اسم 'أبو أمجد' رسالته الطويلة جدا والتي يحكي فيها تفاصيل ما حدث لشقيقه قبل أسابيع· يقول: البداية كانت إصابة شقيقي بأعراض بسيطة·· ارتفاع في درجة الحرارة، وآلام في البطن·· وغثيان خفيف· تصورنا أنها بسبب الحرارة·· أعطيناه مخفض حرارة ومسكنا للألم·· وبالفعل تحسنت حالته ولكنه بعد حوالى ساعة بدأ يعاني من القيء فنقلناه إلى قسم الطوارئ وقام الطبيب بفحصه وأكد انه لا يعاني من مشكلة ظاهرة وأنه ربما يعاني من نزلة برد·· وطلب منا التوجه به إلى العيادة التخصصية للأمراض الباطنية في المستشفى في اليوم التالي·· ولظروف خارجة عن الإرادة لم نتمكن من الذهاب إلى العيادة إلا بعد يومين وخلال هذه الفترة استمر شقيقي في تناول مخفضات الحرارة ومسكنات الألم·
وفي العيادة التخصصية كانت المفاجأة المذهلة·· شقيقي كان يعاني من التهاب حاد في الزائدة الدودية وكان يحتاج إلى تدخل جراحي فوري·· وبالفعل قرر الطبيب إدخاله فورا إلى غرفة العمليات بدون أي تحضير·· وفي غرفة العمليات اكتشف الطبيب أن الزائدة قد انفجرت وسببت تلوثا في البطن·· وأمضى شقيقي ثلاثة أسابيع كاملة في المستشفى قبل أن يجتاز مرحلة الخطر ويتماثل للشفاء·· والسؤال الذي يحيرني هو كيف عجز طبيب الطوارئ عن تشخيص حالة شقيقي ليتسبب في تعرضه لانفجار الزائدة الدودية ولمخاطر هائلة كان من الممكن أن تودي بحياته·· هل يعقل ونحن في القرن الواحد والعشرين أن يعجز الأطباء عن تشخيص التهاب الزائدة·· وماذا يفعلون مع الحالات الصعبة؟·· وسؤال أخير: ألا يستحق الطبيب الذي استقبل شقيقي في الطوارئ العقاب؟·
الرسالة غريبة بالفعل·· وتساؤلات القارئ تعكس قدرا كبيرا من الغضب الذي له ما يبرره·· ولكنها ربما لا تعكس كل الحقيقة·· أو نتمنى أن تكون كذلك·· فليس أصعب من الشك في الطبيب وليس اخطر من الشعور بعجز طبيب عن تشخيص التهاب بالزائدة·· قلت للأستاذ الدكتور يسري نبيه أخصائي الجراحة العامة في مركز ويل كير بأبوظبي: أين الحقيقة؟·
في البداية يؤكد الدكتور يسري نبيه أن القراءة الدقيقة لما جاء في الرسالة، تؤكد ما إذا كان هناك من اخطاء في هذه الواقعة تحديدا·· وإذا كان هناك من يستحق العقاب·· فهو من تقمص دور الطبيب بغير علم، ووصف الدواء بغير مؤهل وتسبب في تضليل الطبيب·· وأنا أعتمد هنا على ما ذكره صاحب الرسالة بنفسه·
ويضيف: المريض - ومعه أسرته - وقعوا في عدة أخطاء مؤثرة·· وقبل أن أوضح هذه الأخطاء، والتي أدت في الغالب وفي ضوء المعلومات المتوافرة إلى ما عانى منه والى تعرضه لمشاكل خطيرة، أشير إلى أن علامات وأعراض التهاب الزائدة الدودية من الصعب أن يخطئها طبيب·· والحقيقة التي يعلمها كل من مر بتجربة التهاب الزائدة الدودية أو حتى بمجرد أعراض مشابهة·· وهي أن الطبيب إذا لم يتأكد من تشخيص الحالة واشتبه في احتمال التهاب الزائدة يطلب تنويم المريض في المستشفى ووضعه تحت الملاحظة المكثفة وفي حالة ترجيح التهاب حاد في الزائدة قد يتخذ الطبيب قرار استئصالها جراحيا فورا·· لأن جراحة استئصال الزائدة من الجراحات البسيطة جدا، ولان عدم استئصالها في الوقت المناسب يمكن أن يؤدي إلى انفجارها وبالتالي تعريض المريض لمخاطر هائلة·· ومن الواضح أن طبيب الطوارئ لم يجد أي أعراض تشير إلى وجود التهاب في الزائدة ولم يجد أثناء فحص المريض ما يجعله يشتبه·· فماذا حدث؟·
إخفاء الأعراض
من السهل استنتاج ما حدث في قسم الطوارئ مع شقيق صاحب الرسالة·· لأنه يتكرر كثيرا، ويسبب الكثير من المتاعب للأطباء الذين يتهمون بالإهمال، وللمرضى الذين يعانون من مضاعفات التشخيص الخاطئ·· عندما ارتفعت درجة حرارة المريض، وشعر بآلام في أسفل أيمن البطن مع غثيان خفيف لم يتوجه إلى الطبيب، وقرر أن يتعامل مع الأعراض بنفسه·· فتناول مخفض حرارة، ومسكنا قويا للآلام·· ولكن بعد لحظات بدأ يعاني من القيء فتوجه إلى الطوارئ·· وهناك وجد الطبيب انه لا يعاني من أي من أعراض الزائدة الدودية الأساسية، وهي ارتفاع الحرارة والألم أسفل البطن·· وحتى عندما يتحسس الطبيب موضع الزائدة في هذه الحالة - حالة تعاطي مسكن قوي للألم - لا تصدر أي استجابات من المريض تشير إلى وجود التهاب بالزائدة·· والشيء المؤكد هو أن المريض لم يخبر الطبيب أنه تناول مخفض حرارة ومسكن ألم ربما لأنه لم يتصور أهمية ذلك أو لأنه انشغل بالعرض الأساسي الذي توجه بسببه إلى الطبيب وهو القيء·· والقيء وحده ليس دليلا على الإصابة بالزائدة، ومن غير المعقول إجراء استئصال الزائدة الدودية لكل من يذهب إلى الطوارئ بسبب القيء·· وهكذا أدى تناول المسكن ومخفض الحرارة إلى إخفاء أعراض المرض عن الطبيب· وبرغم ذلك طلب الطبيب من المريض التوجه في اليوم التالي إلى العيادة التخصصية والملاحظ هنا انه نصح المريض بالتوجه الى العيادة التخصصية الباطنية، وليس عيادة الجراحة مما يؤكد انه لم يشك بأي قدر في احتمال التهاب الزائدة·· وهو ما لم يفعله المريض، حيث اكتفى بتناول المسكنات ومخفضات الحرارة لمدة 48 ساعة بعد التوجه إلى الطوارئ قبل أن يزور الطبيب المختص·· وهي أضعاف المدة المطلوبة لحدوث انفجار في الزائدة في حالات الالتهاب الحاد·
القاعدة الذهبية
يضيف الدكتور يسري نبيه أن القاعدة الذهبية هي أنه يجب عدم تناول أي مخفضات حرارة أو مسكنات للألم عند الشعور بالأعراض التالية: ألم يبدأ حول السرة ثم يتحرك باتجاه أسفل أيمن البطن حيث يصبح الألم متواصلا ومحددا مع ازدياد الشعور بالألم مع الحركة أو التنفس العميق والسعال والعطس أو الضغط على مكان الألم·· الغثيان أو التقيؤ، ارتفاع بسيط في درجة الحرارة، إمساك وعدم القدرة على إخراج الغازات، أو إسهال، وألم عند الضغط على أي موضع في الربع البطني السفلي الأيمن، وخاصة عند نهاية ثلث المسافة بين السرة وعظمة الحوض·
عند ظهور هذه الأعراض فإن النصيحة هي عدم تناول أي مسكنات أو مخفضات حرارة والتوقف عن تناول أي طعام والتوجه فورا إلى الطبيب·· وعندما يحدث ذلك يصبح من المستحيل أن يخطئ أي جراح أو طبيب طوارئ في تشخيص الزائدة الدودية·· وفي حالة تعاطي أي أدوية يجب إخطار الطبيب بها وشرح الأعراض التي سبقت تناول المسكنات أو مخفضات الحرارة بدقة·· وبشكل عام وبعيدا عن هذه الواقعة فإن تناول أي دواء حتى ولو كان مسكنا بسيطا بدون استشارة الطبيب خطأ مهما كانت الأعراض خفيفة·· فبعض الأعراض البسيطة قد تكون مؤشرا على البدايات الأولى لحالة مرضية خطيرة·
الزائدة·· زائدة
يضيف الدكتور يسري نبيه: الزائدة الدودية جزء من القناة الهضمية يقع في نهاية الأمعاء الدقيقة وبداية الأمعاء الغليظة أو القولون هي مفتوحة على القناة الهضمية من ناحية ومغلقة من الناحية الأخرى·· وحتى الآن لم يتوصل العلماء إلى معرفة وظيفة أو فوائد الزائدة الدودية·· فهي إذن وحتى إشعار آخر زائدة بلا فائدة·
؟ ألا توجد وسيلة للوقاية من التهابات الزائدة؟
؟؟ عندما تكون الأسباب مجهولة يصعب الحديث عن الوقاية·· حتى الآن لا توجد أسباب محددة ودقيقة تفسر التهاب الزائدة الدودية·· الالتهاب ينتج عن عوامل كثيرة منها على سبيل المثال دخول بعض فضلات الطعام إلى داخل الزائدة الدودية واحتباسها في الداخل مما يؤدي إلى التعفن والالتهاب·· ومنها الالتهاب البكتيري الناتج عن وصول البكتيريا من القناة الهضمية إلى تجويف الزائدة الدودية·· هناك انسداد فتحة الزائدة الدودية لأي سبب كحدوث تقلص في الأنسجة·· كل هذه الأسباب تقود إلى نتيجة واحدة هي حدوث التهاب داخل الزائدة، وعدم خروج الصديد والمواد المتعفنة إلى القولون أو القناة الهضمية، مما يؤدي إلى انتفاخ وتآكل أنسجة الزائدة ومن ثم انفجارها·· ولكن لماذا يحدث كل ذلك؟·· أو لماذا يحدث للبعض، ولا يحدث للبعض الآخر؟·· لا توجد تفسيرات قاطعة·· وبالتالي من الصعب وضع وصفة وقاية محددة من التهاب الزائدة·
المهم هنا هو أن نشير إلى أن التهاب الزائدة ليس بالمشكلة الخطيرة ، ولكن الخطير هو التعامل الخاطئ مع الحالة·· فالالتهاب المزمن يستجيب في الغالب للعلاج الدوائي·· والالتهاب الحاد يعالج بالجراحة والجراحة بسيطة·· ولكن خطأ التشخيص الناتج غالبا عن محاولات بعض المرضى علاج أنفسهم بأنفسهم، والاستهانة بالأعراض البسيطة لالتهاب الزائدة، هو ما يفاقم المشكلة حيث يزيد من احتمالات انفجار الزائدة، وبالتالي انتقال محتواها من البكتيريا والفضلات ومخلفات الالتهاب إلى التجويف البريتوني مما يسبب التهابا شديد الخطورة وإذا لم يعالج بشكل سليم وفوري، فإنه يمكن أن يهدد حياة المريض·
؟ وكيف يتم تشخيص التهاب الزائدة الدودية؟
؟؟ يقول الدكتور يسري نبيه: تشخيص التهاب الزائدة الدودية يعتمد بشكل أساسي على الفحص الاكلينيكي أو السريري وعلى شكوى المريض أو ما يعرف بالتاريخ الصحي·· وهنا تكمن أهمية أن يحرص المريض على ذكر الأعراض التي يعاني منها بدقة متناهية من ناحية، وأهمية عدم إخفاء أي من الأعراض بالأدوية المسكنة من ناحية أخرى·· وقد يتطلب الأمر في بعض الحالات إجراء فحوص تشخيصية مختبرية أخرى مثل قياس عدد كريات الدم البيضاء في الدم، أو فحص البول لاكتشاف أي التهابات في الجهاز البولي حيث تتشابه أعراض بعض الالتهابات البولية مع أعراض التهاب الزائدة الدودية·· وإذا لم يصل التشخيص نهائيا هنا ننصح بوضع المريض تحت الملاحظة مع قياس درجة حرارته كل ساعتين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©