الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الابتلاء

9 أكتوبر 2011 20:57
لكل إنسان أهداف وحوائج تعينه على الحياة ومتطلباتها، وفي الوقت نفسه تسعده وتزيل عنه ما قد يكدر عليه صفو حياته، ولكن هل كل ما يتمناه المرء يدركه؟ وهل تجري الرياح بما تشتهي السفن؟ وهل كل ما يزرعه الزارعون يحصدونه 100%؟ وهل كل عمل لا بد له من النجاح المطلق؟ تساؤلات تجعلنا نضبط ميزان الفكر والمشاعر بما يتناسب مع قوانين الكون والحياة لكي يحدث الانسجام والانسيابية، الإنسان معرض للابتلاء، وهذا أحد القوانين الكونية ومن أهمها للإنسان؛ لأنه لم يخلق عبثاً ولم يخلق دون اختبار وامتحان، ونحن نعرف أهمية الامتحانات التي تعطي في المناهج الدراسية والوظائف وغيرهما أنها تعمل على جعل الإنسان يهتم ويعتني ويثابر ويستمر في التقدم، بما يحقق له النجاح والفائدة، كما أنها تميز بين من عمل ومن لم يعمل. وقد قال الله تبارك وتعالى في موضوع افتتان الإنسان وهو نوع من الابتلاء: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)(العنكبوت:2). وهناك أمور عديدة يبتلى فيها الإنسان منها أمور جسام وكبيرة على النفس البشرية يذكرها المولى عز وجل في محكم تنزيله فيقول: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(البقرة:155). فالخوف عكسه الأمن والأمان وهو مطلب رئيس للإنسان ما ينصه “قانون الحاجات”، فحاجة الإنسان للأمان تأتي في المرتبة الأولى، وإلا ما فائدة ما يملكه من نعم إن لم يكن يشعر بالأمان، الجوع عكسه الشبع، وقد شعرنا بمعنى الجوع في شهر رمضان، وشاهدنا مجاعة القرن الأفريقي وكم من الأطفال ماتوا بسبب عدم وجود ما يسد الرمق. نقص الأموال عكسها الغنى، وهو عصب الحياة ويقام عليه اقتصاد دول بأكمها، فمهما قلنا وتحدثنا بعيداً عن أهمية المال، نعود لحقيقة لا يغفل عنها اثنان إن المال مهم جداً في حياة البشر، ونقصه يسبب نكبات وتعطيل المصالح الخاصة والعامة وإفلاس شركات وإغلاق مصانع، كما ذكرت الآية نقص الأنفس التي عكسها زيادة البشر والكثافة السكانية، فالإنسان هو أساس الوجود وأساس النمو، فالبشر قوة حقيقية في جميع النواحي، نواحي العمل، الفكر، الرأي والمشورة، العلم والنفوذ والسلطة. نقص الثمرات وعكسها وفرتها، والثمار غذاء الإنسان مقدم على أنواع اللحوم، ففيها المعادن والعناصر التي يحتاجها جسد الإنسان. عزيزي القارئ تلك هي أهم الابتلاءات التي يتعرض لها الإنسان في حياته، فمن يصبر على الابتلاء فأجره عند الله عظيم، فقد ابتلى الله نبيه أيوب عليه السلام فصبر فجازاه أضعاف ما فقد، وابتلى نبيه يونس (ذو النون) فصبر فكافأه بنجاته وإسلام قومه، وابتلى نبية يوسف عليه السلام فجعله عزيز مصر، وابتلى يعقوب عليه السلام فصبر فرد له أولاده، وابتلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فصبر فكان هادي الأمة وشفيعها يوم الدين. د.عبداللطيف العزعزي | dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©