الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التواصل مع كبار السن مشروط بجذب اهتمام ومخاطبة ودّهم

التواصل مع كبار السن مشروط بجذب اهتمام ومخاطبة ودّهم
6 أكتوبر 2011 20:40
يعيش بيننا آباؤنا وأجدادنا من كبار السن، الذين يلعبون دوراً مهماً في توجيهنا وإرشادنا ونصحنا وتوبيخنا إذا ما أخطانا، يحتوننا عند الألم، فهم الدرع الحصين والحضن الذي نلجأ إليه خوفاً من العقوبة التي قد تطلنا من أبوينا، ونحن صغار، وقتها لم نكن نعي أهمية وجودهم إلا برحيلهم، مفتقدين أصواتهم ولمساتهم التي تفيض عطفاً وحناناً، حكاياتهم التي أسرتنا ونحن صغار، فكبار السن هم قناديل البيوت، نستمد منهم الكثير من المفاهيم التي غيبتها الحياة المعاصرة. اعتبر كثيرون اليوم العالمي للمسن، الذي احتفلت به الدولة إلى جانب العديد من دول العالم، وقفو لكل مقصر أحجم عن التواصل من كبار السن، ولكن كثيرون أيضا يحذرون من معاودة إهمالهم بعد أن انقضت الاحتفالات والأنشطة التي امتدت على مدار أسبوع كامل، نعم بها المسنون بالاهتمام ووضعوا تحت دائرة الرعاية، وهم يطالبون باستمرار هذا النهج في التعامل على مدار العام ليكون أسلوب حياة سيما وأن الدين الإسلامي والتقاليد العربية العريقة تدعو على احترام الكبار ورعايتهم. مسؤولية مجتمعية تقول ابتسام أحمد، إن رعاية كبار السن مسؤولية مجتمعية يقع على عاتق الجميع لتحقيق الترابط الاجتماعي، وخلق جو من التكاتف الأسري داخل المجتمع والأسرة، وحث شرائح المجتمع على التواصل مع فئة كبار السن وبرهم وتقديم الدعم المعنوي لهم، والعمل على فتح قنوات التواصل بين الأجيال الجديدة من الشباب لنشر الوعي بحقوق المسن، وضرورة دمجهم في المجتمع من خلال المشاركة في مختلف البرامج المجتمعية. وتضيف أن وجود المسن في دار الرعاية لا يمنع هذا التواصل، وإنما الشراكة المجتمعية بين كل فئات المجتمع سواء أفراد وهيئات ومؤسسات، تقلص الفجوة وانقطاع التواصل بين أفراد المجتمع نتيجة ظروف الحياة والعمل الذي أصبح شماعة تعلق عليها مجمل الأمور، يجب اقتطاع وقت محدد لهم، فالمسنون بحاجة إلى العطف والمحبة وإشباع الجانب الوجداني لديهم الذي لا يتم إلا من خلال التواصل معهم وزيارتهم ومنحهم أحساساً بأهمية وجودهم ودورهم الذي لم يهمش بعد في تقديم تجاربهم وخبراتهم ومد الأجيال به من معلومات ومفاهيم غائبة عنهم، ولا يمكن تصور مدى ما يحقق هذا الاتصال من انعكاسات إيجابية على نفسية المسن الذي يجدد فيه معنى الحياة ويخفف من وطأة الوحدة والحزن اللذين يجتاحانه بعد أن ترجل عن شبابه، وتكالبت عليه أمراض الشيخوخة، وبات عاجزاً عن الحراك قابعاً في مكانه، يتطلع إلى من يطل عليه، ليزرع فيه نشوة الحياة وبهجتها. وأثبتت بعض الدراسات أن كبار السن الذين يمارسون مستوى أعلى في النشاط والتواصل الاجتماعي، يظهرون مستويات أقل بكثير في وتيرة تدهور القدرات الذهنية والعقلية، وذلك مقارنة مع أقرانهم الكبار في السن مثلهم والذين لا يجدون هذا التواصل الاجتماعي مع الآخرين. أسلوب الحوار يقول عمر عبدالله، إنه ربما يمتنع الكثيرون عن الجلوس مع المسن أو الحديث معه لفترة طويلة؛ نظراً لجهلهم للغة التواصل مع كبار السن الذين يعانون أمراض الشيخوخة الذي يؤثر في قوة الحواس لديهم، سواء كان السمع والنظر واللفظ، فتبدأ تخرج الكلمات بطريقة غير واضحة ومفهومة عند المتلقي مما يدفعه إلى التقليل من الزيارة، أو الحديث مطولاً مع المسن، وهنا لا بد أن يتحلى المرء بالصبر والتريث في التعاطي مع المسن، الذي يحتاج في هذه المرحلة العمرية إلى أذن صاغية، ومزيد من الاهتمام والرعاية، وهناك بعض الاشتراطات التي لا بد أن يعيها الفرد عند التواصل مع المسن والحديث معها، حتى تأتي الزيارة ثمارها، منها الجلوس بالقرب من المسن، والنظر إليه بانتباه وتركيز، رفع الصوت معه أثناء الحديث ومحاولة تغير صيغة السؤال في حال وجد عدم استيعاب المسن للاستفسار المطروح، والحديث معه بطريقة بطيئة، بحيث تخرج الألفاظ واضحة من الفرد إلى المسن، واستخدام الإيماءات والإشارات أثناء الحديث، والحوار بود مع المسن، مع وضع اليد على كتفيه أو يده بين فترة أخرى، منحه أحساساً بأهمية المواضيع التي يطرحها، من خلال مناقشته وتجاذب أطراف الحديث معه، دون الخروج من الموضوع بطريقة فجائية إلى موضوع آخر فالتدريج مطلوب. ويتابع «يفضل أن يتطرق إلى المواضيع التي تجدها تلقى استحساناً عند المسن الذي ينطلق في الحديث عنها دون توقف، كالعودة بذاكرته إلى الماضي والإبحار في ظروف حياتهم والمواقف الطريفة والمأثرة التي تجلت أحداثها في تلك الحقبة الزمنية، ما يمنح المسن قوة على التعاطي مع الموضوع بمزيد من المتعة والشوق إلى تلك اللحظات التي ظلت حبيسة الذاكرة. كما لا بد أن تكون الجلسة مع المسن مفعمة بالمرح والضحك، الأمر الذي ينقشع عنده الضيق والإحباط الذي قد يتسلل إلى نفسية المسن ويتجدد فيه الثقة والقدرة على التعاطي مع الآخرين». دافع ديني ترى أمينة حسن أن المسن هو كل فرد وصل إلى مراحل متقدمة من عمره، والتواصل معهم هو تواصل مع الجذور، فهم أصحاب الخبرة والحنكة، وهم من يمدونا بالكثير من المفاهيم والقيم والتقاليد الذي نستمد منه سلوكنا وتصرفاتنا وعلاقتنا مع المحيطين بنا فهم البيئة الحاضنة، ولا يمكن أن نهمل دورهم في حياتنا، بمجرد أن الزمن أقعدهم، ولا بد أن نمضي قدماً معهم في غرس هذه القيم في نفوس أبنائنا من خلال تواصلهم وحثهم على الاهتمام ورعاية كبار السن، الذين يعيشون بيننا، وأولئك الذين يمضون وقتهم في مراكز الرعاية، فهم بحاجة إلى أن نمد لهم أيدينا ونبادلهم فيضاً من العطف والمحبة. نشاركهم حياتهم، نستمع إلى أحاديثهم بكل ود وحرص، ومن الجميل أن نطل عليهم بهدية بين الحين والآخر، ولو كانت رمزية فهي تعني لهم الشيء الكثير، فهم بحاجة إلى نظره حانية من المحيطين بهم، إلى من يخفف عنهم مغبة الشيخوخة وآلامها النفسية والجسدية. ويقول براء الرفاعي «نحن كمسلمين ليس لدينا يوم للمسن فديننا يدعونا دائماً، كل يوم وحين على رعاية كبار السن والنظر في احتياجاتهم، حيث حثنا الرسول علية الصلاة والسلام على احترام كبارنا وأن نرحم صغارنا، فدعوتنا هي إلى الذين غيبوا دور آبائهم، وتركوهم خلف جدران مغلقة منعزلين لا يخالطوهم، وإنما تركوهم تحت رحمة (الخادم)، في تلبية احتياجاتهم، غير آبهين باحتياجاتهم النفسية، ورغبتهم في أن نمنحهم قدراً من الأهمية، بوجودهم فيما بيننا، فلا يمكن أن نوصد الأبواب عليهم، نهمش دورهم ووجودهم بيننا، فقط لعجزهم ونحو ذلك، فنقول لكل من عق والديه، وكل من أعرض عنهم، إنه سيشرب من الكأس نفسها». وتؤكد أحلام سعيد «العمل على شغل وقت المسن، وتثقيفه من خلال اطلاعه على مجمل الأحداث على الصعيدين المحلي والعالمي، ما يجعله مواكباً للأحداث. خطوة جيدة خصوصاً للمسنين الذين يقبعون وحدهم في منازلهم لا أبناء لهم ينظرون لحالهم واحتياجاتهم، فالمؤسسات الاجتماعية تشكر على دورها الفعلي في احتواء الكبار السن ورعايتهم، ولكن لا بد أن يعي كل فرد في هذا المجتمع مسؤوليته ودوره تجاه كبار السن».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©