الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«وايتمان واير» الأميركية: مطامع الدوحة تزهق أرواح 4000 عامل قبل انطلاق المونديال

«وايتمان واير» الأميركية: مطامع الدوحة تزهق أرواح 4000 عامل قبل انطلاق المونديال
10 فبراير 2019 00:44

دينا محمود (لندن)

طالبت مصادر إعلامية أميركية العالم بوقف دعم قطر التي تمارس السخرة والعبودية الحديثة، قائلةً إن المطامع السياسية لحكام الدوحة أدت إلى جعل كرة القدم رياضة مميتة، في ظل العدد المتزايد من العمال الأجانب الذين يلقون حتفهم خلال مشاركتهم في تجهيز المرافق الضرورية لإقامة بطولة كأس العالم المقبلة بعد أقل من 4 سنوات من الآن.
وفي افتتاحية حملت عنوان «القتل باسم كرة القدم»، أكدت صحيفة «وايتمان واير» الأميركية الأسبوعية، أن الكرة أدت على يد النظام الحاكم في الدوحة إلى مقتل 1200 عامل أجنبي حتى الآن.
واعتبرت الافتتاحية التي كتبها جايدون باكتولد، أن إزهاق هذه الأرواح هو نتيجةٌ مباشرةٌ للطموح السياسي الأعمى لقطر الذي أفسد جوهرة التاج بالنسبة لكرة القدم، ألا وهي بطولة كأس العالم. وشدد باكتولد على «لا معقولية» قرار إسناد البطولة من الأصل لهذا البلد في ضوء افتقاره لثقافة كروية أو حتى بطولة دوري للمحترفين بالمعنى المفهوم والكامل، بجانب عدم ملاءمة الطقس لإقامة المونديال هناك، وهو ما أجبر الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» على تغيير موعد كأس العالم ليُقام في أواخر الخريف بدلاً من فصل الصيف، كما كان معتاداً منذ انطلاق هذا الحدث العالمي في عام 1930. وأشارت الافتتاحية إلى أنه على الرغم من أن «قطر بدأت تشييد ملاعب رياضية مُكيفة الهواء، من شأنها جعل اللاعبين والمشجعين يتفادون هذه المشكلة، فإن ذلك لا يمتد للعمال النيباليين والهنود المسؤولين عن هذه الإنشاءات نفسها، ما يودي بحياة الكثيرين منهم في كل عام». واستشهدت الصحيفة في هذا الصدد بما توقعه اتحاد النقابات الدولي، وهو أكبر النقابات في العالم، من وصول عدد ضحايا المونديال المقرر إقامته في قطر إلى نحو 4000 عامل وافد، بحلول موعد انطلاق المباراة الافتتاحية للبطولة في نوفمبر 2022. وأبرزت ما قاله الاتحاد من أن هؤلاء العمال سيلقون حتفهم على الأغلب جراء أسباب من قبيل الانتحار والإصابة بالسكتات القلبية والجلطات، والأمراض المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة.
وعقدت «وايتمان واير» مقارنة فاضحة لقطر ترتبط بعدد من سُفكت دماؤهم في إطار تحضيراتها لتنظيم كأس العالم، قائلة إن عدد من لقوا حتفهم خلال تحضيرات البرازيل لاستضافة البطولة نفسها ولكن عام 2014 لم يتجاوز 7 عمال. وعقبت على ذلك بالقول إن حالات الوفاة الكثيرة للغاية التي تشهدها قطر تشكل نتيجة لنظام عمل المهاجرين بالسخرة. وحذرت الافتتاحية في الوقت نفسه من العواقب الاقتصادية الوخيمة التي ستضرب النظام القطري بسبب قراره الطائش سرقة حق تنظيم المونديال، قائلةً إن ما حدث في البرازيل بسبب استضافتها لبطولاتٍ كبرى مثل كأس العالم عام 2014 ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية بعد ذلك بعامين، يشكل نموذجاً على المشكلات الخطيرة التي تترتب على احتضان منافسات رياضية بهذا الحجم، وهي المشكلات التي تفوق الفوائد التي يمكن أن تنجم عن تنظيم هذه الأحداث من الأصل.
وأشارت الافتتاحية في هذا السياق، إلى أن نظام تميم خصص ميزانية هائلة على نحو غير مسبوق للتحضير للمونديال ستصل إلى 220 مليار دولار بحلول موعد انطلاقه، موضحةً أن ذلك يعني أن الدويلة المعزولة التزمت بـ«استثمار 132% من إجمالي ناتجها المحلي سنوياً لبطولة لن تستمر سوى 6 أسابيع»، وهو قرارٌ لم يكن ليحظى بدعم حتى أكثر المستثمرين حماقة. وأكدت أن هذا الإنفاق الجنوني يعود لأن دولةً مثل قطر تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية اللازمة لإقامة بطولة كرة قدم على المستوى الاحترافي، بينما لم يكن هذا هو الحال مع البرازيل ما جعل إنفاقها على تنظيم مونديال 2014 لا يتجاوز 15 مليار دولار فحسب. وسخرت الصحيفة الأميركية من أي توقعات تفيد بأن مونديال 2022 قد يعود بأي فوائد اقتصادية على قطر، مُشددةً على أن هذه البطولة لن تجلب أي عائدٍ يقارب على أي نحو الاستثمارات التي ضختها الدوحة فيها، خاصة أنه في دولة لا يزيد عدد مواطنيها على 220 ألف نسمة سوى بقليل لن يكون هناك مشجعون لملء مقاعد الملاعب الرياضية التي يصل عددها إلى 80 ألف مقعد، بعد إسدال الستار على كأس العالم.
وفي سياق محاولتها لتفسير إصرار قطر على تنظيم بطولة في لعبة لا يجيدها أبناؤها ولا يوجد لها أي تاريخ فيها، اعتبرت «وايتمان واير» في افتتاحيتها أن الأمر كله لا يعدو محاولةً لشراء النفوذ باستخدام المال، وذلك سيراً على درب دول أخرى قامت بذلك عبر استغلال الرياضة لمآرب سياسية.
وقالت الافتتاحية، إن «الطغمة الحاكمة في الدوحة سعت لوضع هذه الدويلة على الساحة الدولية عبر استغلال فرصة استضافة حدث مثل كأس العالم، عبر تبديد الأموال بكثافة في هذا الشأن، كما تفعل في مجالاتٍ أخرى مثل قطاع الخدمات المالية والترفيه». وألقت الصحيفة الضوء على أساليب الغش والاحتيال وشراء الذمم التي لجأ إليها «نظام الحمدين» لتأمين حصوله على حق تنظيم المونديال المقبل، في ظل المنافسة الشرسة التي كانت تواجهه في هذا الصدد من دول أكثر خبرة بتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.
وقالت «وايتمان واير»، إن هذه الدول خسرت فرصتها المُستحقة للمنافسة على استضافة الحدث الكروي الأبرز في العالم جراء «الفساد القطري»، وذلك بفعل حملة الرِشى التي شنها «نظام الحمدين» في الشهور السابقة لإجراء اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا»، تصويتاً على اختيار البلد المُضيف لمونديال 2022، في مطلع ديسمبر 2010. وأشارت في افتتاحيتها إلى أن العام التالي للتصويت مباشرة، شهد الكشف عن أن قطر اشترت أصوات مندوبي العديد من الدول الآسيوية والأفريقية في اللجنة، قبل أن يُضطر غالبية المسؤولين التنفيذيين في «الفيفا» إلى الاستقالة من مناصبهم، بعد اتهامهم بتلقي رِشى من الدوحة لغض الطرف عن العيوب الخطيرة التي شابت ملفها للتنظيم. وشككت الصحيفة الأميركية في مدى فعالية الإجراءات الأخيرة التي أعلنتها السلطات القطرية لإيهام العالم بأنها تتخذ تدابير كافيةً لحماية العمالة الوافدة لديها، أو تلك التي اتُخِذَتْ في أروقة «الفيفا» لمواجهة فضائح الفساد التي تضرب الاتحاد، مُشيرةً في هذا الصدد إلى أن كل هذا لم يغير شيئاً على أرض الواقع، فموعد كأس العالم هو ما تغير وليس مكان إقامته، والعمال المهاجرون في قطر لا يزالون يموتون.
كما شددت على أنه على الرغم من أن العالم يراقب تطورات الملف المثير للجدل الخاص بتنظيم كأس العالم في الدويلة المعزولة كما لم يحدث من قبل، فإن «الفيفا» استسلم مرة جديدة لقطر ولمطامع حكامها. وأشارت إلى أن تنظيم البطولة في هذه الدولة الشرق أوسطية لا يعني أن رقعة كرة القدم تتسع وتتطور كرياضة عالمية كما يزعم بعضهم، وإنما يشكل انعكاساً للفساد الذي يتخلل هذه اللعبة، في ظل الفشل في علاج خطأ بلغت تكلفته 1200 من الأرواح الإنسانية.
واستنكرت «وايتمان واير» ما يُردد من أن نقل البطولة الآن من قطر يعني أن هذه الأرواح قد ذهبت عبثاً، قائلةً إن الإجراء الوحيد الملائم لتصحيح تلك التطورات المروعة التي ترتبت على منح الدوحة حق التنظيم، يتمثل في الاعتراف بأن عرضها كان حافلاً بالاحتيال والخداع، والعدول عن إسناد البطولة لها. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن حرمان النظام القطري من المونديال، ربما لن يعني إلغاء نظام «الكفالة» ولن يعيد الحياة لمن قضوا نحبهم خلال عملهم في الدويلة المعزولة، ولكن على «الفيفا» اتخاذ موقفٍ مفاده بأن كرة القدم لن تتسبب في إدامة هذه الأزمة الإنسانية.
وأكدت في هذا الصدد أن هناك العديد من الخيارات المتاحة في هذا الشأن، إذ قالت إن تنظيم النسخة المقبلة من كأس العالم في إنجلترا أو إسبانيا أو ألمانيا لن يحتاج إلى بنى تحتية إضافية أو تغيير موعد البطولة. وأشارت إلى أن ذلك لن يؤدي إلى حماية أرواح العمال الأجانب في قطر فحسب، بل سيحافظ كذلك على ثقافة كرة القدم وتقاليدها بدلاً من مواصلة دعم «دولة الطغمة» الحاكمة في الدوحة ومواصلتها ممارسة العبودية الحديثة بحق العمالة الوافدة إليها. وخلصت «وايتمان واير» في ختام افتتاحيتها إلى القول، إن «ثمة رسالةً يحتاج الجميع للإنصات إليها: أن العالم ربما يخضع لسيطرة الأموال والنفوذ ومن يمتلكهما، ولكن ذلك يجب ألا ينطبق على كرة القدم التي نحبها جميعاً».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©