الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نار ودخان

نار ودخان
23 سبتمبر 2011 23:34
لعلي أحد الناجين القلائل من سطوة السيجارة، حيث احتفلت قبل ما يقارب السنوات الست، بإنهاء وتدخين آخر علبة سجائر في حياتي، وسط تشكيك هائل من الأصدقاء والأعدقاء حول قدرتي على الصمود والاستمرار، لكني ما زلت صامداً حتى ساعة إعداد هذا البيان، رغم أني أتجاوز ذلك وأدخن النارجيلة أحياناً، لكنها في الواقع والحقيقة أقل ضرراً بكثير – رغم أقوال العذال- من السجائر التي تبدأ صباحك بالسيجارة وتنام بعد إطفاء السيجارة. وعلى ذمة منظمة الصحة العالمية فإن التبغ يقتل نصف من يتعاطونه تقريبا، «وكان هذا عنوان نشرة أصدرتها المنظمة قبل اجتماع قادة العالم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، الأسبوع المقبل، لمناقشة مكافحة الأمراض غير السارية، رغم أن الدخان تسري مضاره على جميع من هم حول المدخن من العائلة والأطفال والأصدقاء والمعارف وزملاء العمل، والمارين بالصدفة المحضة من قربه. وقالت نشرة المنظمة «يودي التبغ، كل عام، بحياة ستة ملايين نسمة تقريباً، منهم أكثر من خمسة ملايين ممّن يتعاطونه أو سبق لهم تعاطيه وأكثر من 600 ألف من غير المدخنين المعرّضين لدخانه». وبأن «التتن» قتل مئة مليون إنسان في القرن العشرين وأن الرقم مرشح للارتفاع الى مليار في القرن الـ 21. في الواقع فإن نبتة التبغ هي أكثر نبتة أثرت – وما تزال- على حياة الإنسان، لا بل أن تأثرها في ارتفاع على شكل متوالية هندسية، منذ أن أحضرها المستعمرون الأوائل للقارة الأميركية قبل نهاية القرن الخامس عشر بقليل ونشروها في أصقاع الأرض، لتكون من حظ النخبة في البداية، ثم تنتشر لتصير معشوقة الجماهير في أنحاء الكرة الأرضية، حتى لتشعر بأن الكرة الأرضية ما هي في الواقع إلا كائن أخضر عملاق.. ويدخن. أما السيجارة بشكلها الحالي فإننا نفخر بخروجها من لدنا، إذ لم يستطع جند محمد علي «والي مصر» الذين احتلوا بلاد الشام في الربع الثاني من القرن التاسع عشر، بقيادة ابن محمد علي إبراهيم باشا، لم يستطيعوا تأمين الغلايين الخشبية والحجرية لممارسة التدخين، فصاروا يلفون التبغ بأوراق.. أية أوراق، فانتقلت هذه الفكرة لمصر «أم الدنيا»، وتم إنشاء أوائل مصانع السجائر في العالم..، ثم سرق الفرنجة الفكرة ودعموها بالتكنولوجيا وعمموها على العالم، وأعادوا بيعها علينا ومنحونا امتياز إنتاجها.. ومع ذلك يتهموننا بأننا لم نساهم في الحضارة العالمية!! تقول أبيات حفظتها قبل عقود لشاعر من آل معلوف نسيت إسمه: نحــن فــي علبـــة الحيـــاة ســـجائر بيــن بخــس مــن الصنــوف وفاخــر دخنتنـــــــا دقـائـــــــق وثــــــــوان ممعنــــات فــــي غيهـــا لا تحــــاذر فدخــــان الـــــى الســــماء تعالــــى ورمـــــاد فــــي أرضهـــــا متناثــــــر لاحظوا أنه حتى في الدخان هناك تمايز طبقي، ولا ننسى أن هذا التمايز والتفاوت موجود أيضا في أسعار وأنواع السجائر والسيجار وما بينهما، أما الأرجيلة «أو بالأحرى النارجيلة لأن اسمها ملطوش من كلمة تعني بالهندية جوز الهند، حيث إن أوائل نراجيل العالم كانت مصنوعة من حبات جوز الهند»، فهي قصة طويلة يتنافس أصحاب مصانع السجائر على تبيان مضارها الشديدة لعلهم يستعيدون زبائنهم التي سرقتها النارجيلة. تقول الطرفة التي تنسب خطأ الى برنارد شو، وهي في الواقع للروائي الأميركي جاك لندن، صاحب رواية «ذئب البحار»، بأن ترك التدخين سهل جداً، بدليل أنه تركه حتى الآن أكثر من ألف مرة. وتقول عبارة أخرى قرأتها: «لكثرة ما قرأت عن أخطار التدخين .. قررت أن أترك القراءة»!. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©