الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قالتها وهي غاضبة

قالتها وهي غاضبة
6 يناير 2020 00:38

فاطمة الزبير

أشرقت الشمس وبلغت منتصفها وأنا لازلت أتدحرج فوق سريري المريح، لم أقصد أن أنام حتى منتصف النهار، المشكلة في خيوط الشمس التي لا تزور غرفتي كل صباح، بعد عناد طويل مع فراشي استطعت أخيرا أن أفارق بطانيتي، توضأت وصليت الظهر، رتبت سريري ووقفت أتأمل خزانة الملابس، أفتش بعينيّ عن إطلالة اليوم، ارتديت بنطلوني الأزرق المفضل ومعطفي الساخن وأخذت معي محفظتي الصغيرة التي أضع بداخلها الأشياء المهمة فقط؛ بطاقة الهوية، هاتف وبعض النقود.
لبست حذائي الشتوي ونزلت الدرج بسرعة، قصدت المطبخ جائعة، فطور أم غذاء؟ لست أدري، المهم أن أسد جوعي.
جهزت قهوة ساخنة، جبن وزيت وخبز ساخن، جلست إلى الطاولة، أتصفح وأدردش على الهاتف بيدي اليسرى، وأتلذذ بمذاق الخبز الساخن مع الزيت باليد الأخرى، أفزعني جرس البيت، كانت صديقتي على الباب، وقفت بسرعة، لم أر أمي كي أخبرها بخروجي.. خرجت مسرعة، حييت آمال بابتسامة وتوجهنا بخطى متثاقلة صوب أكثر وجهة سياحية بالمدينة. أخذنا مقعدينا بمكان هادئ وشرعت صديقتي في مذاكرة دروسها، أما أنا فبقيت أراقب الطيور المحلقة فوقي، تحوم وتشكل منظراً رائعاً في السماء. أردت أن ألتقط المشهد بهاتفي لكن تأخرت في ذلك. الساعة تشير إلى السادسة والنصف، بقيت نصف ساعة على اجتماع المؤسسة، ركبنا الحافلة وانطلقنا نحو اللقاء، كنا أول من يصل بعد المسؤول كسرنا الملل بتبادل أطراف الحديث، والتعليق على الجو وحوادث الساعة، كنا على وشك إنهاء أخبار العالم قبل التحاق الآخرين.
بعد ساعة تقريبا اجتمع الكل بالمقر، شرعنا في مناقشة الحدث المقبل وتفاصيله وأهم حضوره. استغرق هذا الحديث أكثر من ساعتين في لحظة بدأت أحس بالانفصال، لم أبال بل لم أعد أستطيع أن أركز على مايقولون، كنت أفكر فقط في الساعة المتأخرة؛ الظلام، الأحياء المخيفة وعتاب أمي. بقيت أتمعن في الأفواه تشكل حركات فقط دون أن أفهم منها شيئاً، حتى الساعة لم أتجرأ أن أطلع عليها.
فجأة، صدمت بصديقتي وهي تشير بيدها وتقول: هيا لنذهب، الأستاذ سيوصلنا إلى البيت. بعد نصف ساعة تقريبا وصلت البيت، دخلت بمزاج سيئ، صراخ أمي، غضبها وعتابها الدائم، لم أعد أكترث لهذا. تجاهلتها ودخلت المطبخ لآكل شيئا خفيفا لكن صراخ أمي لايزال يتعالى. لم أركز معها لكن في لحظة انفجرت في وجهي غاضبة: أسأل الله ألا يحاسبني عليك، أنت ستأتيني بمصيبة من الشارع».
جمد الدم بعروقي بعد سماعي هذا، اختلطت مشاعري، صدمة، خوف، بكاء، جرح...
أحس بقطعة الخبز تقف بحنجرتي صادمة. كيف لأمي أن تقول أو حتى أن تتصور الذي لا أستطيع حتى التفكير به.
إحساس فظيع يقتلني، صعدت الدرج، دخلت غرفتي أحوم حولها، ربما هي من تحوم حولي، أخذت بيدي ورقة وبالأخرى قلما، رسمت أحلامي، مستقبلي وسعادتي، حملت مسدسا، قتلت كل شيء. أمسكت قلما وكتبت عقد قراني.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©