الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسول ·· ظاهرة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي!

التسول ·· ظاهرة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي!
3 مارس 2009 00:19
أينما توجهت وحيثما حللت، تجد نفسك أمام المشهد التقليدي: مشوهون، أصحاء، عجزة، وبشر من كل الأعمار يمارسون التسوّل والشحاذة في طقوس غريبة عجيبة·· هنا نداء استغاثة يصمّ آذان المارة ويستدر عطفهم لحملهم على الدفع، وهناك حشد من الصغار يطاردون عابر السبيل، يصدرون أصوات استرحام مبهمة العبارات· وفي زوايا الشوارع الرئيسية تستوقفنا مشاهد لأناس بثياب رثة، ممزقة، عارضة تشوهاتهم الخلقية· مضى زمن كان فيه عالم التسول في لبنان مرفوضاً ومنبوذاً من قبل المجتمع والدولة، كمظهر انحطاط يشوه الحضارة والإنسانية، وغالباً ما كان المتسول يسجن أو يعاد تأهيله كمواطن في إصلاحية· أما اليوم، فقد أخذت مشكلة التسوّل بعدها المأساوي، والمهزلي في آن، ذلك أن حالة الإفقار العام والحاجة التي طاولت قطاعات شعبية واسعة، تزامنت مع ''مافيا'' التسوّل التي تنظمها جماعات نبتت كالفطر السام في مسار الأحداث المدمرة التي مرت على لبنان· لله يا محسنين'' ''الله يخليلكم ولادكم'' ··· الله يرزقكم ببنت الحلال'' عبارات مثيرة للشفقة والرحمة، تسمعها من رجل ضرير في الخمسين، يمسك بيمناه فتى في العاشرة، وبيسراه عصا تساعده على السير، وآخر يزحف على ركبتيه بسبب بتر ساقيه، ممتطياً ''جزمة بلاستيك'' متنقلاً بين السيارات بكثير من الخفة· وأيضاً بعض كلمات الدعاء تسمعها من رجل ضخم الجثة، رث الثياب، حافي القدمين، يحاول مراراً تنظيف زجاج السيارات بواسطة فوطة صفراء، مقابل بعض المال القليل· غير أخلاقية التسوّل يزداد، وقد يكون البعض محتاجاً بالفعل وصادقاً مع نفسه، إنما البعض الآخر يرى فيه فرصة لعطف الناس، من باب الصدقة والإحسان· أحد المواطنين يعتبر هذه الظاهرة غير أخلاقية، لأنها عمّت المجتمع اللبناني بشكل كبير، وأصبح الكل يعرفون أن بعض المتسولين هم مدّعون، وليسوا بحاجة إلى المال أوالطعام · فالتسول مرفوض مهما كانت أسبابه، فهناك جمعيات ومؤسسات إنسانية وخيرية مختصة بإعانة المحتاجين والمعوزين شرط الكف عن التسول، حتى وإن كانت مسألة الاحتياج كبيرة، لإعالة أسرة أو دفع مصاريف علاج، أو أن الشخص المريض أصلاً غير قادر على العمل· بأهون السبل المارة عرفناهم كتلاً بشرية ممن ليس لهم طاقة بدنية أو ذهنية على كسب العيش أو أدعياء الفقر· قصص، روايات، حكايات أغرب من الخيال، تروى بكثير من الجدية عن واقع التسول، لكنها تتعدى المعقول· ومؤخراً نقلت إحدى وكالات الاخبار، أن امرأة متسولة في العقد الثالث من عمرها، تحمل طفلاً يلبس ثياباً بالية، متسخ الوجه كوسيلة لاستدرار عطف المارة· ويقول شهود عيان، إن هذه المرأة تستأجر طفلاً من امرأة أخرى، تتردد في الانضمام إلى مملكة المتسولين، لاستخدامه لساعات في نشاطها، الذي تكسب من ورائه ما يصل الى (60 و 70) ألف ليرة يومياً· أحدهم احترف ''مهنة'' الشحاذة والتسوّل، بينما أولاده الثلاثة تخرجوا في حقل الطب والصيدلة، وقد أصيبوا بالحرج نتيجة لهواية والدهم، لذلك كانوا يعمدون إلى حجزه في المنزل، وتشديد الرقابة عليه، لكنه سرعان ما كان يجد وسيلة تساعده على الفرار ليعود إلى الشارع يستجدي ويستعطي المحسنين من جديد· تبادل الأدوار إحدى الفتيات قالت إن بعض النساء يطرقن أبواب المنازل طلباً للمساعدة، وتراهن بعمر الصبا وبصحة جيدة، وأحياناً يحملن تقريراً طبياً لرجل أو طفل مريض، ويردن إجراء عملية له، وهذه ''حيلة'' وخدعة من أجل كسب عطف الناس· وأحياناً يجلسن عند المساجد، حيث يتبادلن الأدوار حسب كرم المحسن· مع العلم أن هناك أشخاصاً عاجزون عن العمل، وهناك نساء يصرفن على أطفالهن اليتامى، لذلك فإن العذر معهن في طلب المساعدة، وعلى الجميع التصدق عليهن وإنصافهن، خصوصاً اذا ما سدت أبواب الجمعيات الخيرية في وجوههن، إنما يبقى السؤال، هل التسول هو الحل لمشكلة الفقر والحاجة والعوز؟ الكسب السريع برلنت العقاد إحدى المسؤولات في مؤسسة دار الرعاية الاجتماعية، ذكرت أنها نقلت طفلاً في الثامنة من عمره إلى المؤسسة، بعد أن شاهدته يتسول، وأقنعته بالبقاء في الدار لإعادة تأهيله والاهتمام به، لكن لم يمر سوى 24 ساعة، حتى جاء أهله وأخذوه عنوة من الدار، قائلين: إنه ابننا، وليس لكم الحق في الوصاية عليه·· لا تستغربوا أنه يكسب أكثر مما نكسب· وهناك شحاذون مؤقتون يلبسون الثياب الجيدة، ومن مختلف الأعمار يختلطون بالمارة، ويتحينون الفرص بخجل شديد، فيطلبون من محسن مار بعض المال لشراء ''سندويتش''، أو أجرة ''سرفيس'' تنقلهم إلى حيث يريدون، أو من أجل شراء أدوية ضرورية لذويهم، ولا بأس من جمع المال لإجراء عملية جراحية سريعة تنقذ مريضاً من الموت المحتم، وكل هذه الحجج لا أساس لها من الصحة، ولا تزيد عن كونها خداعا واستدرارا لعطف الناس· ظلمتني الحياة إحدى المتسولات كانت تحمل ابنها وتجري خلفها فتاة في مقتبل العمر، قالت بعد تردد طويل: تمنيت العيش مثل أي امرأة أخرى، لكن ما ذنبي إذا ظلمتني الحياة، فأصيب زوجي بمرض عضّال لا شفاء منه، فحرمنا من الحياة مثل غيرنا من البشر· ومهنة التسوّل كلها بهدلة، لأن أيام الخير ولّت، والأغنياء لا شفقة لديهم ولا رحمة· المطلوب الحد من هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها ومعالجتها بالشكل الصحيح والسليم، عن طريق التوجه إلى الجهات المعنية والمسؤولة والمختصة من مؤسسات وجمعيات وهيئات خيرية بما يثبت احتياجاتهم، حيث يحصلون على المساعدة ونمد إليهم يد العون، وهذا أفضل بكثير مما يحصلون عليه من الناس في الشوارع· ربما من سوء طالع اللبنانيين أن صورة التسول أصبحت لصيقة بهم، فالإعانات والحسنات والصدقات تأتيهم من كل حدب وصوب، وهذا الأمر جعل غالبية الفئات الاجتماعية اللبنانية تشعر وكأنها مجبرة على العيش والعمل بالحد الأدنى من الشروط المادية والمعنوية، والسؤال المطروح: هل هو قدر الفقير اللبناني أن يتحول إلى متسول مستتر؟ إدمان المخدرات والبطالة وضغوط الحياة تتصدر الأسباب العنف ضد الوالدين··من التعدي اللفظي إلى الإيذاء الدني سكينة أصنيب الرباط - لا يقابل صنيع الآباء في بعض الأحيان وتضحيتهم من أجل أبنائهم بالبر والطاعة والمعاملة الحسنة، فبعض الأبناء يعاملون آباءهم بجفاء ويستكثرون عليهم الزيارة والرعاية، ولا يقابل أغلب الآباء عقوق أبنائهم بالسخط والغضب، بل تراهم يتضرعون الى المولى طلبا لهداية وصلاح الابن العاق خوفا عليه من العقاب· لكن كيف تكون علاقة الأب بابنه في حالة تجاوز هذا الأخير حدود الأدب وتمادى في عقوقه بإهانة والده وضربه بل وقتله· مؤخرا اهتز الشارع المغربي اثر اقدام شاب على قطع ذراعه أمام الملأ ورميها في البحر بمدينة الصويرة، لأنه ندم على استعمالها في ضرب والدته، ورغم أن الشاب كان مشهودا له بحسن الخلق وبر الوالدين، إلا أن تأثير المخدر وضغوط المعيشة والبطالة أسباب دفعته في لحظة فقد فيها عقله الى ضرب والدته· ودفعت هذه الحادثة المختصين الى دق ناقوس الخطر والتنبيه الى تأثير الظروف الاقتصادية والاجتماعية على علاقة الابن بوالديه، بعد أن تجاوزت القطيعة ونكران الجميل والتهرب من مسؤولية رعايتهما الى الاعتداء عليهما· ورغم أن تحفظ الأسر على التبليغ عن هذا النوع من الحوادث يمنع الحصول على احصائيات دقيقة حول هذه الظاهرة المشينة، إلا أن وصول حالات منها الى ساحة المحاكم يؤكد أن هذا النوع من الجرائم في ارتفاع مستمر بالتوازي مع حالة الانحلال الأخلاقي، وتفسخ المجتمع، وابتعاده عن قيمه الدينية وارتفاع المعيشة· ومن بين جرم قتل الأصول التي عرضت على المحاكم المغربية مؤخرا قضية قاسم (ن) (28 سنة)، الذي حوكم بتهمة القتل العمد في حق الأصول، حيث أقدم هذا العاق على قتل والدته فاطمة (م) (46 سنة) لأنها رفضت تزويجه بحجة أنه عاطل، وأثناء مناقشة الموضوع فقد قاسم أعصابه فهوى بعصا حديدية على رأس أمه فأرداها قتيلة، وحكم عليه بالاعدام رميا بالرصاص وهي العقوبة التي لم تعد تنفذ في المغرب منذ سنة 1994 حيث يقضي المحكوم عليهم بالاعدام عقوبة السجن مدى الحياة· أما نادية (م) (16 سنة) فقد أقدمت على قتل والدها المعطي بعد أن قرر منح أغلب أملاكه لشقيقها، ورغم أنها الابنة البكر للعائلة وحظيت منذ ولادتها بمكانة خاصة بين أفرادها إلا أن قرار والدها منح أغلب أملاكه للابن شكل نقطة التحول في علاقة نادية بوالدها، فقررت التخلص منه قبل تسجيل عقد التمليك، وحين اكتشفت الجريمة قضت المحكمة بإدانة هذه القاصر التي قادها عقوقها الى قتل والدها بـ40 سنة سجنا نافذا، بتهمة ''القتل العمد مع سبق الاصرار في حق أحد الأصول''· ولا يزال القضاء ينظر في قضية زوجين متهمين بالقتل العمد في حق أحد الأصول ''والدة الزوج'' مع سبق الإصرار والترصد، حيث أقدما على خنق الضحية ليلا بسبب تهديداتها المتكررة لهما بطردهما من منزلها، وأوهما الجيران أن الأم توفيت وفاة طبيعية لكن الطبيب رفض منح الابن تصريحا بالدفن وأشعر الشرطة لتكتشف فعلهما الإجرامي· ويعتبر الباحثون والحقوقيون أن ارتفاع أرقام ضرب وجرح وقتل الأصول الشرعيين يتناسب مع ارتفاع نسب تعاطي المخدرات والبطالة والعنوسة وضعف التماسك الأسري، ويؤكدون أن القضايا المعالجة من طرف المحاكم لا تعكس حجم الاعتداءات التي تحصل في حق الأصول نظرا لاعتبارات اجتماعية، حيث تتكتم الأسر على الاعتداءات التي تمارس في حق الوالدين· ويرى محمد التهامي (باحث اجتماعي) أن العنف ضد الأصول مؤشر قوي على نمو وازدياد الجرائم في المجتمع، ويوضح: ''المجتمع أصبح اكثر عنفا وقسوة من أي وقت سابق، لأنَّ من يفترض أن نحترمه ونحسن اليه أصبح من المعنفين، ومن كنا نعتبره آخر من يمكن أن نسيء اليه، أصبح أول من توجه له الاهانة، مما يؤكد أننا أمام وضع خطير يزداد تأزماً مع استفحال تحكم المادة في العلاقات الأسرية وتضاؤل القيم الاجتماعية مثل الاحترام والمعاملة الحسنة ورد الجميل''· ويعتبر أن مظاهر العنف ضد الوالدين متعددة، ويمكن تصنيفها الى العنف اللفظي والجسدي والنفسي، ويقول إن ''العنف اللفظي في مقدمة أنواع العنف الممارس ضد الاصول، ويأتي في المرتبة الثانية استخدام العنف الجسدي مثل الضرب والجرح العمدي واستخدام السلاح من أجل التهديد أو القتل، ورغم أن جميع هذه الأساليب مستهجنة ومرفوضة إلا أن أخطرها هو زنا المحارم''· ويشير الى أن ''التكتم على العديد من الاعتداءات التي تمارس ضد الوالدين أو الجدين عامل يحول دون معرفة العدد الحقيقي لقضايا العنف ضد الأصول حيث تحول اعتبارات اجتماعية دون وصولها إلى أروقة المحاكم، مما يساعد على انتشار الظاهرة في ظل استفحال تعاطي المخدرات والانحراف في أوساط الشباب وغياب الوازع الديني وارتفاع مستوى المعيشة''· ومن واقع معاينته لمجموعة من جرائم العنف ضد الوالدين، يؤكد الباحث أن نسبة كبيرة من هذه الجرائم تقع داخل أسر مفككة، حيث ينعدم التوافق بين الزوجين وينشأ الطفل حاقدا على أحدهما وكارها له، كما أن هذا النوع من الجرائم يرتفع لدى المتزوجين حديثا الذين يشاركون آباءهم نفس المسكن، ويعتبر الذكور أكثر استعمالا للعنف ضد آبائهم مقارنة بالاناث اعتبارا لارتباط الابن بعائلته في المسائل المالية والحياة المستقبلية عكس الابنة التي تنصهر في عائلتها الصغيرة بعد زواجها· ويضيف ''تأتي البطالة في مقدمة الأسباب التي تدفع الابن الى التصرف بعنف ضد والديه حيث إن الضغط وضيق ذات اليد والمسكن الصغير الذي تشترك فيه عائلة كبيرة أسباب تتراكم لتتحول الى شرارة قابلة للاشتعال عند حدوث سوء فهم بسيط إضافة الى صراع الأبناء فيما بينهم وخلافات الكنة والحماة وتحريض الزوج على والديه، ونظرة الجيل الجديد للآباء على أنهم سبب معاناتهم وتخبطهم في مشاكل الحياة''· ويوضح أن عنف الأبناء سلوك مكتسب منذ الطفولة، ويدل على فشل الأسر والمجتمع في تنشئة الطفل نشأة صحيحة، ويضيف أن ''الفرد الذي يمارس العنف تجاه أفراد أسرته ولاسيما تجاه والديه غير سوي، بل هو فرد مضطرب نفسيا، يجب تنبيه عائلته وحثها على علاجه ومساعدته على الخروج من أزمته النفسية''· وأرجع عبدالله العلمي (محام) أسباب تنامي جرائم العنف ضد الأصول الى الخلافات المالية وتدخل الوالدين في الحياة الخاصة للابن والمساس باستقلاليته والتمييز في المعاملة بين الأبناء، وأضاف أن ''أغلب نوازل العنف ضد الأصول التي تصل القضاء سببها الارث وتفضيل ابن على آخر وتدخل الآباء في قرار الابن بالهجرة أو الزواج، كما أن المشاكل التي عاشها الطفل في عائلته مثل تسلط الأب على الأم، أو هجر الأم لأبنائها تغرس في نفسية الابن مشاعر الحقد والكراهية تجاه والديه''· وأوضح المحامي أن أغلب الآباء الذين يتقدمون بشكاوى ضد أبنائهم ويتهمونهم بالعنف والاساءة لا يهدفون من خلالها الى الإضرار بالابن وتسليط العقوبة عليه وتدمير مستقبله بل يأملون في إبعاده من المسكن العائلي وتحذيره من عواقب فعلته وتهديده باللجوء مستقبلا للقضاء اذا تكرر الأمر· ويشير الى أن الشرطة تعالج قضايا العنف ضد الوالدين بايقاف المتهمين وإيداعهم الحبس الاحتياطي، وتقديمهم للمحاكمة إذا استمر الادعاء ضدهم، أما في حالة سحب الشكوى فانه يتم عقابهم بالضرب والتهديد اذا تكرر الأمر والحرمان من الأكل والتعنيف أمام الأبوين· وأوضح أن أغلب نوازل العنف ضد الأصول تنتهي بسحب الاتهام والصفح عن الفروع، وبحكم خبرته المهنية اعتبر أن ظاهرة العنف ضد الأصول ليست مرتبطة بالضرورة بالانحراف وتعاطي المخدرات، بقدر ما هي مرتبطة بسوء التربية ''فمثلا زعيم خلية آغادير الارهابية والذي عمل امام مسجد لسنوات ويدعى زكريا بوغرارة حوكم بتهمة العنف ضد الأصول''· وأوضح أن القانون جرّم الاعتداء على الأصول، حيث تضمّن تسليط أقصى العقوبات على مرتكبي أي شكل من أشكال الاعتداء، وقال إن ''هذه الجنح تمتد عقوبتها للسجن من عامين الى خمس سنوات، ثم تتحول الى جناية تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد والإعدام، ففي القانون الجنائي المغربي لا يوجد مطلقاً عذر مخفّض للعقوبة في جناية قتل الأصول'
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©