الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الانفلات السيبراني والجيل الخامس

الانفلات السيبراني والجيل الخامس
9 فبراير 2020 02:24

«العالم السيبراني قائم على الفوضى، وتجاوز كل الحكومات والمنظمات الدولية»

نيكولا ساركوزي، رئيس فرنسا الأسبق

لا تبدو الأمور جيدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا فيما يرتبط بمفهومهما لما يعرف بـ«الأمن السيبراني»، أو أمن الشبكة الدولية.
وهذه المسألة نفسها رفعت من حدة الخلافات أيضاً بين واشنطن وبقية العواصم الأوروبية الكبرى، ولاسيما باريس وبرلين.
فالاتحاد الأوروبي يرى أن الولايات المتحدة لا تتعاون بما يكفي لضبط الأمن في هذا الميدان الخطير، في حين تعتقد الأخيرة أن التسيب موجود على الساحة الأوروبية في هذا المجال، وأنها لم توقف تعاونها، بل على العكس تماماً، سعت في الفترة الماضية إلى إقناع البلدان الأوروبية بضرورة إعادة النظر في إمكانية اعتمادها في بناء شبكات الجيل الخامس لديها على شركات غير «آمنة»، وعلى رأسها «هاواوي» الصينية التي تسببت في شقاق حقيقي بين لندن وواشنطن، إلى درجة أذهلت المراقبين، الذين كانوا يتوقعون «شهر عسل» لا ينتهي بين العاصمتين، مع وصول بوريس جونسون إلى رئاسة الحكومة البريطانية.
غير أن الانتقادات المتبادلة بين أطراف المعسكر الغربي، لا تحل أي شيء، بل تعقد المسألة بصورة كبيرة، خصوصاً أن العالم يحتاج بالفعل إلى تكتل دولي خاص بالأمن السيبراني، يوفر الحماية في كل الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع تزايد المخاطر هنا وهناك.
في حين لا توجد مؤشرات عملية على إمكانية إنشاء مثل هذا التكتل في وقت قريب، أو حتى عقد اجتماعات فنية أولية لاتخاذ التدابير لتحقيق ذلك.
فالإرهاب والجريمة والتجسس السياسي والاقتصادي، كلها أوبئة تهدد المجتمع في كل مكان، وتشهد انتشاراً مخيفاً على هذه الساحة أو تلك، والانعزال الذي تمارسه الدول على نفسها، يساهم مباشرة في تغذية هذه الأوبئة، ويجعلها حاضرة على الساحة.
شغلت هذه المسألة الساحة العالمية، في أعقاب بدء إنشاء شبكات الجيل الخامس الرقمية.
وجاءت في وقت يشهد علاقات غير ودية كما يجب بين الدول الحليفة نفسها، وتحديداً البلدان الغربية.
حتى أن الإدارة الأميركية هددت بريطانيا بخفض مستوى علاقاتها الأمنية، وتلك التي تتعلق بالشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، إذا ما اعتمدت لندن شركة «هواوي» في إنشاء الشبكة الجديدة في المملكة المتحدة.
فواشنطن تعتقد بأن إشراف هذه الشركة على الشبكة البريطانية، سيمنحها إمكانية الدخول إلى «مناطق سيبرانية» سرية للغاية تعج بالمعلومات المشتركة الحساسة بين الطرفين.
لكن لندن لن تتراجع عن عزمها في الاستفادة من خدمات الشركة الصينية المذكورة، وتؤكد علناً أنها ليس أقل حرصاً على أمنها من الحرص الأميركي.
في كل الأحوال، لا تبدو الساحة متهيئة للوصول إلى شكل من أشكال التكتل الدولي المنشود في الأمن السيبراني.
فالخلافات الراهنة بين الأوروبيين والأميركيين ستعطل ذلك، دون أن ننسى، الخلافات الأخرى التي أطلقت معارك تجارية مع الولايات المتحدة، قد ترقى لاحقاً إلى مستوى الحروب التجارية.
فأمن الشبكة الدولية لا يمكن أن يتم في ظل التناحر أبداً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©