الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

قطر تمنح الحصانة لـ"مهندس" حملة التسلل إلى البيت الأبيض

قطر تمنح الحصانة لـ"مهندس" حملة التسلل إلى البيت الأبيض
18 ديسمبر 2018 00:28

دينا محمود (لندن)

كشفت مصادر إعلامية أميركية النقاب عن أن قطر اضطرت لمنح الحصانة الدبلوماسية إلى رجل الأعمال والدبلوماسي السابق أحمد الرميحي، رأس حربة الحملة التي أطلقتها قبل شهور لشراء الذمم والولاءات السياسية في الولايات المتحدة، وذلك في محاولة لحمايته من المثول أمام القضاء الأميركي، بتهم متعلقة بأنشطته المشبوهة في هذا الصدد.
وافتضح أمر الخطوة القطرية من خلال وثائق قدمت إلى محكمة في ولاية كاليفورنيا تنظر دعوى مرفوعةً على الرميحي، الذي يباهي بعلاقاته الوثيقة بأمير قطر تميم بن حمد، من جانب مغني الراب الأميركي الشهير آيس كيوب ورجل الأعمال جيف كواتينتز، وهما مسؤولان عن بطولة لكرة السلة تحمل اسم «بيج ثري» يشارك فيها لاعبون سابقون في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين «إن بي آيه».
ويطالب الرجلان بالحصول على تعويضٍ من الدبلوماسي والمستثمر القطري بعد أن نكث بتعهده ضخ استثمارات تقدر بـ20 مليون دولار في البطولة، وذلك في مسعى للتقرب من كواتينتز، الصديق المقرب من ستيفن بانون كبير المخططين الاستراتيجيين سابقاً للرئيس دونالد ترامب. وبحسب أوراق الدعوى، يُتهم الرميحي، الذي كان رئيساً لوحدة «قطر للاستثمار» التابعة لـ«جهاز قطر للاستثمار»، بأنه لم يف في نهاية المطاف سوى بـ 7.5 مليون دولار من إجمالي المبلغ الذي تعهد بدفعه، وذلك بعدما فشلت محاولاته للتواصل مع بانون عبر كواتينتز.
وفي مايو الماضي، كشفت مصادر غربيةٌ مطلعة عن أن هذا الشخص المثير للجدل فر من الولايات المتحدة عائداً إلى بلاده تجنباً للاستدعاء من جانب المحكمة التي تنظر الدعوى، وذلك بعدما كان مطلوباً للإدلاء بشهادةٍ تحت القسم لمدة كان يتوقع ألا تقل عن ثلاث ساعات. وفي مؤشرٍ على ضعف موقف الرميحي في القضية، أكدت كبريات وسائل الإعلام الأميركية أن النظام القطري منحه مؤخراً «حصانةً دبلوماسيةً»، بحجة أنه أصبح من بين أفراد طاقم السفارة في واشنطن.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن هذه الخطوة المفاجئة تعني أن الرميحي أصبح «محصناً بشكل كامل من كل أوجه التقاضي المدني»، وذلك بعدما اعترفت وزارة الخارجية الأميركية بالوضع الدبلوماسي له في سبتمبر الماضي، وفقاً لوثائق الدعوى التي ظهرت للعيان خلال الساعات الـ48 الماضية. وأكدت أن التفاصيل الخاصة بالصفة الدبلوماسية التي أعطيت للرميحي على عجلٍ لا تزال «غامضةً»، مشيرة إلى أنه بينما تدرج الخارجية الأميركية اسم هذا الرجل باعتباره ملحقاً لقطر دون تفاصيل، وصفته الوثائق التي أضيفت لأوراق الدعوى بأنه يشغل منصب الملحق التجاري القطري لشؤون الاستثمار.
وأشارت «واشنطن بوست» إلى أن هذا الوضع الدبلوماسي يتناقض مع تصريحات أدلى بها الملحق الإعلامي القطري في واشنطن جاسم آل ثاني في وقت سابق من هذا العام، وأكد فيها أنه لا علاقة للسلطات الحاكمة في بلاده بالرميحي منذ مارس 2017، بل وشدد آنذاك على أن هذا الرجل لا يمثل قطر في أي شؤون رسمية، كما لا تشارك قطر في أي من الشؤون المتعلقة بأنشطته التجارية الخاصة، فيما بدا محاولةً للتنصل منه ومن أنشطته المشبوهة.
وأبرزت الصحيفة في تقريرها تغريدة نشرها آيس كيوب قبل يومين، واستنكر فيها منح الرميحي الذي كان يتصرف وكأنه أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، الحصانة الدبلوماسية، معتبراً ذلك استهانةً بالسلطات الأميركية بقوله «أميركا أولاً؟ نعم صحيح!!» (في إشارة إلى الشعار الذي دأب ترامب على رفعه حتى قبل وصوله إلى سدة الحكم).
واستعرض التقرير تورط رجل الأعمال القطري في المحاولات المحمومة التي قام بها «نظام الحمدين» للتسلل إلى أروقة البيت الأبيض بعيد إعلان فوز ترامب بانتخابات الرئاسة أواخر 2016. وأشار في هذا الشأن إلى ظهوره في لقطات مصورة جنباً إلى جنب مع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لدى زيارته في ديسمبر من العام نفسه لأعضاء الفريق الذي كلفه ترامب بإدارة المرحلة الانتقالية، في البرج الذي يحمل اسم الرئيس الأميركي في نيويورك.
وقالت «واشنطن بوست» إن الرميحي كان بين أعضاء الوفد القطري الذي تلقى التحية من مايكل كوهين المحامي الشخصي السابق للرئيس الأميركي في برج ترامب في ذلك اليوم. وفي ذلك الوقت حاول المسؤولون القطريون تبرير وجود الرميحي ضمن أعضاء الوفد، بأنه كان بصدد الالتقاء بـ«كوهين» لبحث استثمارات قطرية محتملة في البنية التحتية في الولايات المتحدة، بحكم منصبه في جهاز قطر للاستثمار، وزعموا أنه لم يحضر أي لقاءات رسمية أجراها وزير الخارجية مع كبار معاوني ترامب.
وفي دحضٍ واضحٍ لهذه المزاعم، أبرزت «واشنطن بوست» الإفادة التي أدلى بها كواتينتز أمام المحكمة، وكشف فيها عن المحاولات التي قام بها الرميحي لاستغلاله من أجل الوصول إلى مقربين من الرئيس الأميركي في الشهور الأولى للأخير في المكتب البيضاوي، خاصة ستيف بانون الذي كانت تجمعه في السابق علاقة عملٍ بالشاهد. وأشار كواتينتز في شهادته التي أفردت لها «واشنطن بوست» مساحةً لا يُستهان بها، إلى أن الرميحي قال له إن قطر مستعدةٌ لتأمين الأموال اللازمة لجهود بانون على الصعيد السياسي مقابل الحصول على دعمه، وذلك في محاولة واضحة لتجنيد المستشار السابق للرئيس الأميركي لخدمة حملات التضليل، التي يشنها نظام تميم في الولايات المتحدة في محاولة لنيل دعم إدارتها للخروج من العزلة المفروضة عليه خليجياً وعربياً.
وأشار المستثمر الأميركي في إفادته إلى أنه رفض العرض الذي قدمه الرميحي في هذا الشأن، ليرد الأخير عليه بالإشارة إلى أن النظام القطري قدم في السابق رشى لشخصيات أميركية رفيعة أخرى، ذكر منها مايكل فلين أول مستشار للأمن القومي في عهد ترامب، والذي اضطر للاستقالة من منصبه بعد أقل من شهر من اختياره لشغله، على خلفية الكشف عن فضيحة تضليله لنائب الرئيس مايك بينس، بشأن اتصالات أجراها مع دبلوماسيين روس.
وكان كواتينتز قد أكد كذلك في السابق أن الدبلوماسي ورجل الأعمال القطري المرتبط بشدة بأسرة آل ثاني، كان يطرح طوال الوقت أسئلةً حول موقف إدارة ترامب من الأزمة القطرية، والمقاطعة المفروضة على الدوحة من جانب الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «السعودية والإمارات والبحرين ومصر» منذ الخامس من يونيو 2017. كما كشف قبل شهور عن أن شبكة علاقات الرميحي شملت السياسي الراحل جون ماكين، عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، وذلك بعدما نشرت صورة تجمع الاثنين.
وعلى مدار الشهور الماضية ظل الرميحي، الذي وصفه مراقبون بالرأس المدبر لحملة الرشاوى القطرية في الولايات المتحدة، محوراً لاهتمام كبريات وسائل الإعلام في هذا البلد، بعد كشف النقاب عن الدور المشبوه الذي يضطلع به، على صعيد محاولات مد الجسور مع العديد من الشخصيات الأميركية البارزة، التي يعتقد قادة «نظام الحمدين» أن لها تأثيراً على صناع القرار في البيت الأبيض.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©