عدد اليوم
عصام أبو القاسم (الشارقة)
أضفت المقامات الموسيقية المتنوعة، والطبقات اللحنية المتعددة، وطرائق الإلقاء الشعري، أبعاداً إيقاعية وسمعية مؤثرة، على المظهر المسرحي، للعرض الموريتاني «فتيان الفريك»، الذي أعده محمد آدمو وسُلي عبد الفتاح، وأخرجه الأخير، وقدمته فرقة جمعية المسرحيين الموريتانية، لجمهور الدورة الرابعة من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، مساء أمس الأول بصحراء الكهيف.
وتمحور العمل حول فكرة الالتزام بالعهد وشرط الوفاء به، مهما كلف الأمر. وقد اقترح نص العرض توليفة درامية شائقة لمقاربة تلك المسألة، ارتكزت على طرائق السرد الشعبي، والشعر، والتشخيص، والاستعراض الحركي، راسماً صورة رمزية دالة لسطوة وسلطة القيم والمكانة القبلية على رابطة الأبوة وصلة الدم.
حكى العرض قصة شيخ قبيلة يدعى «إبراهيم»، كان قد قطع وعداً بأنه إذا انجب بنتاً، سيزوجها لابن صديقه سيد أحمد، ولما كبرت البنت أخذت تتمنع وتماطل كلما حدثها والدها في الأمر.
تتطور الوقائع، حين يفد إلى القرية «غريب» يدعى محمود، وتعجب بملاحته خديجة إعجاباً يبلغ بيوت «لفريك/ الفريج»، ويصل الأمر إلى والدها، فيغضب، ليس لأن ابنته أحبت غريباً فحسب، ولكن أيضا لكونها كسرت كلمته، وقللت من مقامه.
وفيما هو يحاول القضاء عليها تصيب طلقة سلاحه ابن سيد أحمد، فيقع جريحاً، وبينما القرية تتفجع بما أصاب العريس الموعود، تتعرض إلى غزوة وتُخطف خديجة، وكما هو معتاد في مثل هذا النمط من الحكايات الشعبية، يتصدى الغريب لمهمة إرجاعها ويفلح، فيكسب بذلك ود القرية، ويُكرمه الشيخ إبراهيم بزواج خديجة.
وإلى جانب الطواعية الملحوظة التي طبعت تفاعلات وانفعالات الممثلين وانتقالاتهم، بين مناطق العرض المتباعدة، برع المخرج في تشكيل مجال الأداء، عبر الحلول الضوئية المقتصدة والمضبوطة، كما بدا مبدعاً في إغناء جماليات صورة عرضه الإخراجية وتعميق بعده الثقافي، باستثمار مرئيات وتقاليد الثقافة الصحراوية الموريتانية، خاصة المباراة الشعرية والأزياء التقليدية، بتصميماتها وألوانها الزاهية، والرقصات، وحلقات الغناء، ومجالس الأنس والسمر، وغير ذلك من الأشكال الفرجوية.
وشارك في تمثيل العرض: بابا أمين، أم المؤمنين عثمان، عيش موسى جكو، مريم الشيباني، فاطمة محمد، سلي عبد الفتاح، شيخنا مولود، محمد عزيز، مراد آب.
