السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ملح الحياة» دراما سورية اجتماعية تقارب الواقع وتثير الجدل

«ملح الحياة» دراما سورية اجتماعية تقارب الواقع وتثير الجدل
30 أغسطس 2011 01:38
حرك الفنان أيمن زيدان مياهاً راكدة، وأثار جدل النقاد والمتابعين، بعد عرض مسلسله التلفزيوني الجديد «ملح الحياة» خلال شهر رمضان، فالمسلسل طرح دفعة واحدة مجموعة من التساؤلات حول الدراما التلفزيونية السورية، سواء على صعيد الموضوع أو الرؤية البصرية أو إمكانية بروز نجوم جدد من صفوف الشباب، وأيضاً جدارة القطاع العام بإنتاج أعمال منافسة، بعد تراجعه في السنوات الماضية. المسلسل الجديد «ملح الحياة» عرض على التلفزيون السوري وقناة NBN اللبنانية، محققاً بذلك إنجازاً مهماً مقارنة بأعمال القطاع العام خلال السنوات الماضية، والتي كانت تعاني مشكلة في المنافسة والتسويق، وغالباً ما كان عرضها يقتصر على قنوات التلفزيون السوري. إجهاض الحلم لعل أهم ما يلفت الانتباه في «ملح الحياة» هو المرحلة التاريخية الحساسة التي يتناولها، حيث تجري أحداثه في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وهي السنوات التي شهدت جلاء الاحتلال الفرنسي عن سوريا، وما تلاها من حراك سياسي ومناخ ديمقراطي وازدهار برلماني عاشته البلاد لعدة سنوات، لتأتي بعد ذلك مرحلة الانقلابات العسكرية والتي ألقت بظلالها السوداء على المشهد، لتنتهي بتحقق حلم الوحدة العربية بين مصر وسوريا، وإجهاض هذا الحلم فيما بعد. غالباً ما تناولت المسلسلات التلفزيونية هذه المرحلة كتواريخ للإشارة إلى زمن وقوع الأحداث، فظل الحدث السياسي هامشياً، وقليل منها دخل في صلبه فتورط فيه، كمسلسل «حمام القيشاني» بأجزائه الخمسة، حيث أُخذ عليه ذهابه بعيداً في استعراض المشهد السياسي على حساب الرواية الاجتماعية. إلا أن «ملح الحياة» نجح في تقديم حكاية اجتماعية إنسانية، دون أن يهمل الحدث السياسي، أو يكتفي به كإشارة مرجعية إلى زمن الأحداث، وعكس صورة واضحة عن مجتمع يعيش ظرفه السياسي التاريخي. قصة مدرس روى المسلسل الذي كتبه السيناريست والصحفي حسن. م يوسف قصة المدرس وهيب حمدي الذي خرج من ثانوية التجهيز الأولى بدمشق في نهاية الدوام، ليشارك في مظاهرة ضد الاحتلال الفرنسي، فوجد نفسه في مواجهة مع جنود الاحتلال، وخلال الصدامات يقوم بقتل أحدهم، ما يعرضه للاعتقال والمحاكمة والنفي إلى «غويانا» الفرنسية. وهناك يمضي عدة سنوات، ليقوم بعد ذلك بالفرار على ظهر سفينة متجهة إلى كوبا، وعلى متنها تجمعه المصادفات بدبلوماسي بلجيكي، يتستر عليه ويساعده في رحلة العودة إلى بلاده، وتتحول العلاقة بينهما إلى صداقة متينة، وينجح وهيب في إقناع الدبلوماسي بحقوق الشعب السوري في الحرية والعيش الكريم، ويدفعه للتعاطف مع كفاح السوريين من أجل جلاء الاحتلال الفرنسي. وبعد الاستقلال، يصبح الدبلوماسي البلجيكي سفيراً لبلاده في سوريا، وتتعمق الصداقة بين الرجلين، ويزداد تعاطف السفير البلجيكي مع القضايا الوطنية السورية. صورة حقيقية للشاميات ويؤكد كاتب العمل حسن م يوسف أن هذه الحكاية حقيقية، لكنه عمل على تغيير أسماء الشخصيات وإضافة شخصيات ومحاور درامية من الخيال الذي يعتبره ابناً للواقع. وقد عكس المسلسل صورة غير معتادة عن العلاقات الاجتماعية في دمشق خلال تلك الفترة، وهي صورة تفترق إلى حد بعيد عما تصوره أعمال البيئة الشامية التي كثرت في السنوات الأخيرة، ما يطرح أسئلة مهمة عن الصدقية التي تتمتع بها تلك الأعمال، وأيضاً عن ضرورة رواية التاريخ الحقيقي للمدينة لا سيما من الناحية الاجتماعية. ومن أهم الأسئلة التي تتولد في ذهن المتابع أيضاً، هي طبيعة العلاقة التي تربط بطل العمل «وهيب» بزوجته «فاديا»، والتي تتناقض مع ما تقدمه أعمال البيئة الشامية عن حال المرأة في ذلك الوقت، وما تصر عليه من تبعيتها وخضوعها وتهميشها وتصويرها بهيئة الخادمة أو الجارية، فرأينا امرأة حرة، وصاحبة رأي مؤثر ودور اجتماعي فعال، حيث استعاد هذا المسلسل الصورة الحقيقية للمرأة الشامية ومكانتها الاجتماعية والإنسانية. لغة سينمائية أما من حيث اللغة السمعية البصرية، فيرى كثير من النقاد أن أيمن زيدان في تجربته الإخراجية الثالثة قدم مقترحاً جريئاً ومختلفاً عن أعماله السابقة، وحقق نوعاً من الإدهاش يقارب لغة السينما بشكل كبير، بالإضافة إلى تغلبه الذكي على صعوبة استعادة التفاصيل العمرانية والمكانية لتلك المرحلة، والتنوع الكبير في مواقع التصوير. كما يحسب لزيدان أنه قدم عدداً من الوجوه الشابة في أدوار البطولة الأولى، بينما تمكن نجوم الصف الأول من لعب الأدوار الثانية في العمل دون أن يؤثر ذلك على نجوميتهم، ما يعيد فتح الباب على مصراعيه لتقبل صعود وجوه جديدة إلى مرتبة النجومية، بعد أن أثبت زيدان أن الوسط الفني السوري يزخر بالمواهب الشابة المتميزة، وأنها بحاجة إلى فرص مهمة لتثبت جدارتها. إنصاف المواهب الشابة أثار أيمن زيدان في «ملح الحياة» أسئلة كثيرة حول قدرة الدراما السورية على التجدد، وتقديم اقتراحات فنية وفكرية مختلفة، ولفت الانتباه إلى غنى الوسط الفني السوري بالمواهب الشابة، وتأخر حصول هؤلاء على الفرص التي يستحقونها. كما أعاد الاعتبار لإنتاج القطاع العام، بعد سنوات من تراجعه، وتأخره في سباق التنافس. شارك في ملح الحياة كل من، سلوم حداد، ريم علي، جابر جوخدار، عامر علي، سوسن أرشيد، سليم كلاس، رضوان عقيلي، رغد مخلوف، معتصم النهار، باسل حيدر، وائل أو غزالة، لويز عبد الكريم، علي كريم، وغيرهم.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©