الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

حرف تقليدية بروح إبداعية تزيّن "الجناح المغربي"

حرف تقليدية بروح إبداعية تزيّن "الجناح المغربي"
16 ديسمبر 2018 01:30

أشرف جمعة (أبوظبي)

الصناعة التقليدية في المغرب جزء أصيل من العودة إلى الماضي، وهي تزهو على أرض الحاضر بأسلوب مبتكر لتجسد الإبداع والمهارة والفن التقليدي في فضاء عصري منفتح يضمن استمرارية هذا العبق المطل من واحة التاريخ القديم.
ومن أجل تشجيع التجديد والإبداع، فإن العديد من الحرفيين المغاربة يشكلون من خلال أدوات تقليدية لوحات فنية غزيرة على أرض الواقع وهو ما يتجسد في المعروضات التي يقدمونها لزوار مهرجان الشيخ زايد التراثي، من تصاميم الديكور التقليدي الممزوج بروح عصرية وتصنيع الحلي بطريقة يدوية، والأزياء الشعبية وصناعة النسيج والحفر على الخشب، وهو ما يجعل الجناح المغربي واحة تشرق بماضيها العريق على أرض الحاضر.

صناع مهرة
ويقول مشرف الجناح المغربي شرف جلال: الحرف التقليدية لها تاريخ طويل في الثقافة المغربية، فهي تتميز بقدرتها على البقاء بفضل العديد من الصناع المهرة الذين هم في حقيقة الأمر مبدعون من نوع آخر ولديهم إصرار على العمل في حرف متوارثة تنتقل من جيل إلى آخر، فالأسر العاملة في هذا المجال تعلم أبناءها الحرف القديمة، وهو ما يجعل الخيط ممتداً بين الأجيال.
ويلفت جلال إلى أن الجناح المغربي يحتوي على نحو 22 دكاناً شعبياً، وهو ما يجعله يزدهي بالحرف المختلفة، حيث يجمع بين فن النسيج والغزل، فضلاً عن الحفر على الخشب ومنتجات الخزف وتشكيل الحلي والجلديات والمنتجات الطبيعية والنحاسيات، مشيراً إلى أن هناك فنوناً متوارثة يجسدها الحرفيون في هذا الجناح، مثل فن الزليج، وتادلاكت، الآجور والقرميد، والجيص والنحت بأشكاله، وصناعة المشربيات وفن الحدادة، بالإضافة إلى المعرض الخاص بالجناح والذي يعد نموذجاً مصغراً لكل الفنون المغربية، ويحرص العديد من الزوار على التجول فيه، ومن ثم الاطلاع على هذا النسيج العريق من الفن الأصيل.
ويبين جلال أن الحرف المغربية ذات طالع خاص، فهي تعرض جزءاً مهماً من الثقافة الشعبية المحلية، مثل صناعة وخياطة وتطريز القفطان المغربي الذي أصبح له رواج عالمي كبير. ويرى أن الفنون التقليدية هي تشكل باحة المهرجان وتميزه، خصوصاً أن الصناعات التقليدية تحتاج إلى مهارة في ظل الفضاء العصري والرقمي المفتوح الذي نعيشه، ما يتطلب أن تتم المحافظة على الحرف اليدوية التاريخية، موضحاً أن المشاركين في الجناح المغربي هم صناع على مستوى عالٍ، ويعملون بروح إبداعية.

سجاد ريفي وحضري
وفي مدخل الجناح المغربي، كان عبدالله البوطي يعمل على آلة قديمة للنسيج، ويذكر أن المغرب يشتهر بصناعة السجاد الذي يعد لوحات فنية تنسج عليها حكايات وقصص شعبية من تاريخ المغرب، ويذكر أنه ينقسم إلى نوعين هما سجاد الحضر وسجاد الريف، موضحاً أن السجاد الحضري كثيف النسيج ويتضمن أشكال الزهور، وتتركز صناعته في الرباط، في حين تتركز في فاس صناعات المنسوجات والجلود والفضة والنحاس ومنتجات يدوية أخرى. أما السجاد الريفي، فيتميز بالتصاميم الهندسية مختلفة الأحجام، واللون الأحمر الفاقع، ويطغى على مواده الصوف الخالص أو القطن، ويزين بالأشكال الجمالية المميزة التي تشتهر بها دول المغرب العربي والحضارة الأندلسية، لكن هذه المعايير تختلف من منطقة لأخرى، مما ساعد على وجود أنواع كثيرة من السجاد داخل كل مدينة. ويعرف السجاد المغربي بانحناءاته وأشكاله الهندسية، وتتنوع الألوان المستعملة فيه من منطقه لأخرى بين الأزرق والأحمر والأصفر والأخضر، ومن أهم أنواعه «الزرابي» كما يسمى في المغرب، ويصنع في مدن الرباط وفاس وفي قرى سوس والأطلس.
ويؤكد البوطي أن الزربية الرباطية «نسبة إلى الرباط» تتميز بالصوف الكثيف، ويغلب عليها اللون الأحمر الذي يتخذ كأرضية لها، بينما يزين الوسط والحافة برسومات دقيقة ومتداخلة، وتتشابك خيوط الطول والعرض في السجاد المصنوع بمدينة فاس، ويغلب على نقشاته الطابع الزخرفي الإسلامي، وينسج من القطن الكثيف الناعم، ويطعم بالخيوط المقصبة والذهبية، ويرى أنه على الرغم من غزو التكنولوجيا الحديثة، ما زال السجاد التقليدي المغربي يصنع من صوف مصبوغ بمستخلصات النباتات والتوابل، ولا تزال القرويات يبدعن في نسج أشكاله، وتزيينه بزخرفة متنوعة من رسومات ونقوش وأشكال هندسية.

ديكورات صاحبة همم
وعلى كرسي متحرك كانت سهام الأمراني تنجز فنونها المستوحاة من البيئة المغربية، حيث كانت تشكل لوحات وتصمم ديكورات مختلفة، وتذكر أن الديكور المغربي يتميز بأعماله التي تتوزع فيها الألوان مثل الأخضر، والأبيض، وغيرهما، والتي تتوافر بكثرة في الطراز المعماري المغربي، وتكون الجدران غالباً ملونة بألوان فاتحة كاللون الأبيض الناصع، وقد يستخدم فيها لونان يفصل بينهما شريط مزخرف، وأحياناً تكون مخططة بشكل أفقي عريض بدرجتين من لون واحد أو باللون الأبيض ولون آخر، وأن الأسقف تكون إما بيضاء أو تغطى بالخشب الذي يكون عبارة عن عوارض خشبية أفقية وتتقاطع معها أحياناً بعض العوارض الخشبية بشكل متعامد، إلا أن اللون الأبيض يظل لوناً رئيساً لا غنى عنه أبداً في الطراز المغربي، فإذا لم يكن في الجدران أو الأسقف فلابد أن يطعم الأثاث باللون الأبيض من خلال المفارش والمراتب أو الستائر الشفافة التي تستخدم بكثرة، لافتة إلى أن إعاقتها كانت دافعاً إلى التميز في هذا المجال.

أحزمة الأعراس
أما محمد المير، فجلس في دكانه يزخرف بعض اللوحات ويصنع أحزمة للسيدات تستخدم في الأعراس، ويلفت إلى أنه أتقن هذه الحرفة منذ تعلمها من عائلته، وخصوصاً أنه يحاول أن يجرب قدراته على التصميم من خلال نقش آيات قرآنية على لوحات خشبية وصدفية، مبيناً أن المناخ في المغرب يشجع على العمل الحرفي نظراً لأن الكثير من الحرفيين يحرصون على هذا اللون من الفن، وأنه من خلال معروضاته في المهرجان وجد أن الكثير من الزوار لديهم شغف من أجل معرفة تاريخ النقوش المغربية وكيفية تطويعها في أعمال فنية خالصة.

نقوش النحاس
منذ سنوات طويلة وإدريس الساخي يبدع بأنامله أشكالاً مختلفة مصنوعة من النحاس ومطلية بالفضة، فهو يزين ويزخرف أعمالاً مختلفة وبطريقة مثل الأطباق وأواني الشاي، وغيرها، حيث جلس على كرسي وفي يده مقطع يشكل به النحاس، موضحاً أنه يعمل في هذه الحرفة منذ كان طفلاً، وأنه حريص على أن يواصل العمل في هذه الحرفة التي تحتاج إلى جهد وإتقان، كما يصنع صواني وطواجن وقناني عطور، ويشكل بها مجسمات للحيوانات، وأنه على امتداد عمره يشعر بأن العمل الحرفي على صعوبته يشبع رغبته في أن يعمل بإبداع، محافظاً على هذه المهنة التي ورثها أباً عن جد، بمدينة فاس التي يقطنها.

قطع الأثاث
ويحرص محمد العطير على استخلاص فنون تقليدية من الأشكال النباتية مع زميله الأشهب محمد، ويشير العطير إلى أنه يستخدم قصب «الخيزران» ويصنع كراسي وأطقم أثاث وسلالًا، ويوضح أن الخيزران نوع من أنوع الأعشاب العملاقة ذات جذوع شبه خشبية، وأنه يستخدمه في صناعة بعض قطع الأثاث المنزلي خصوصاً أن جمهور المهرجان أبدى انجذابه لمثل هذه المنتجات، فضلاً عن أن هذه الحرفة لها حضور قوي في المغرب، مبرزاً أنه تنقل بها بين العديد من الدول من خلال المهرجانات الشعبية، حيث إنه وجد إقبالاً كبيراً من الزوار في المهرجان عليها.

قفطان مغربي
اكتظ دكان لحين زيم بأشكال مختلفة من القفطان المغربي، ويبين أنه من أقدم الألبسة التقليدية، فهو يعبر عن ثقافة شعب، كونه رمزاً للعادات والتقاليد في المغرب، وأن تصميمه يتطلب معرفة عميقة بتاريخه، فالقفطان المغربي هو القطعة الأساسية للمرأة المغربية في كل عرس أو حفل أو مناسبة، ويتكون من قطعة واحدة وعادة ما يلبس فضفاضاً دون حزام، خلافاً لـ«التكشيطة» المكونة من قطعتين إلى ثلاث قطع وتلبس مع حزام. وصنعه على أقمشة فاخرة يتم تزيينها بالتطريز اليدوي المغربي كالرباطي (نسبة إلى مدينة الرباط) أو الفاسي (نسبة إلى فاس)، إضافة إلى تزيينه بالأحجار، دون أن ننسى أهم عملية وهي ما يسمى في المغرب «خدمة المعلم» نسبة إلى حرفيين يغزلون خيوطاً من الحرير أو الفضة أو الذهب، ويوضح زيم أن المرأة المغربية ظلت تتزين بهذه اللوحة الفنية المسماة بالقفطان لقرون طويلة، قبل أن يخرج من حدوده الجغرافية إلى العالمية في تسعينيات القرن الماضي بفضل تنظيم معارض خارجية تروج للقفطان المغربي، ما دفع كبار المصممين والمعلمين المغاربة للتفنن في تقديم تصاميم فاخرة منه.

صناعات جلدية
وتعرض مباركة يارا العديد من المنتوجات الجلدية التقليدية، مشيرة إلى أن الجلد كخامة هو مادة يتحصل عليها من خلال دباغة جلود الحيوانات، حيث تحوّل عملية دباغة الجلد القابل للتعفن إلى مادّة طبيعية متعددة الاستعمال وبعيدة المدى ومتينة للاستعمالات المختلفة، موضحة أنه يمكن إضافته إلى الخشب، خصوصاً أن الجلد شكل أول قاعدة تقنية قديمة في الصناعات الجلدية. وتورد أن جلود الغزال والماعز والغنم تعد مصادر مهمة للجلود فهي ذات استخدام واسع، وتصنع أيضاً بعض الجلود المدبوغة المميزة من جلود التماسيح وسمك القرش والثعابين. كما تستخدم الجلود المدبوغة في صناعه الأحذية ذات الرقبة والأحزمة والقفازات والمعاطف والقبعات والقمصان وحقائب اليد، إضافة إلى منتجات أخرى عديدة. وكذلك يصنع الجسم الخارجي لكرات اليد وكرات السلة والكريكيت من الجلد المدبوغ، وتستخدم بعض الصناعات السيور المتحركة المصنوعة من الجلد المدبوغ وتعتمد العربات والحافلات على حوامل محمية بطبقة من الجلد، ويتميز الجلد المدبوغ بالميكانيكية العالية ودرجة تحمله الكبيرة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©