الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

العمل من أجل البيئة.. رسالة تسامح

العمل من أجل البيئة.. رسالة تسامح
6 فبراير 2019 01:27

رسالة محبة وتعايش، تسامح ونبذ لأشكال التطرف كافة، قطباها «الدين المعاملة»، و«الله محبة»، تبعثها دولة الإمارات لأرجاء المعمورة كافة من أقصاها إلى أدناها، عبر استضافة قامتي الإسلام والمسيحية قداسة بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الشريف في خطوة جادة وبناءة لمواجهة مظاهر التطرف الديني من درجاتها القصوى المتمثلة في الجماعات المتطرفة إلى درجاتها الدنيا والتي تكمن في السلوكيات الأنانية الشخصية للأفراد، رسالة تمثل فيها النموذج الأنجع عالمياً في التعايش بين ما يزيد على 200 جنسية ومئات المعتقدات الدينية.
خطوة تستهدف إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية، كما تستهدف دائماً قيادة الإمارات الرشيدة في استراتيجيتها وخططها ورؤاها كافة.
وبحكم التخصص العملي، يظهر هنا تساؤل مهم أطرحه واضعاً نصب عيني ما قدمه القادة العظام للإمارات للعمل من أجل البيئة، هل سلوكيات التسامح من عدمه تقتصر على التعاملات بين البشر فحسب، أم أن البيئة وما تحويه من أرض وبحار وكائنات حية أخرى لها مكان ضمن هذه المنظومة بإيجابياتها وسلبياتها؟
وحتى يتضح الأمر لنتفكر قليلاً في التساؤلات التالية، لماذا -وفقاً للإحصاءات العالمية- شهدت كائنات الحياة البرية تراجعاً في أعدادها بنسبة 60% خلال العقود الأربعة الماضية، ولماذا تسجل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون زيادة مستمرة ويتوقع خلال العام الجاري أن تزيد 2.7% مقارنة بالعام 2017، ولماذا يضيع 90% من تنوع المحاصيل على مستوى العالم، ولماذا ثلث حجم التنوع البيولوجي بالخليج العربي مهدد بالانقراض، ولماذا ارتفع عدد الظواهر المناخية المتطرفة من 80 إلى 400 ظاهرة سنوياً وتضاعفت حدتها بشكل كبير؟
هذه السلبيات التي تشهدها أرضنا وكائناتها الحية وأكثر يقف وراءها جميعاً نشاط البشر، سلوك البشر غير المستدام في الإنتاج والاستهلاك، قد يراه كثيرون طبيعياً ومنطقياً، مرتكنين إلى تخيل بأن موارد الطبيعة لا تفنى، وأن قيمتها أياً كانت أقل بكثير من حياة إنسان، غير مدركين أنها أساس هذه الحياة.
عدم تسامح يتسم به سلوك الكثيرين تجاه البيئة، سواء بعدم وعي أو رغبة في النمو وتحقيق المكاسب الاقتصادية، عدم تسامح خلف انقراض لحيوانات عدة، واختفاء لنباتات أكثر، وشح في موارد الطبيعة، وخلال العقود الأخيرة تفاقمت حدة في تداعيات التغير المناخي.
إن التسامح يبدأ بتعاملنا مع البيئة ومكوناتها، وقدرتنا على حمايتها، وتحقيق منظومة الإنتاج والاستهلاك المستدامين سيخلق مجتمعاً صحياً من الناحية النفسية والجسدية، ما سينعكس إيجاباً على سلوك البشر مع بعضهم بعضاً، ويمهد الطريق لقادة ومسؤولي كل دولة لتحقيق التعايش والتسامح بين سكانها كافة، الأمر الذي انتهجته دولة الإمارات.
فمنذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان الاهتمام بالبيئة وحمايتها محور النشاطات كافة، وبمرور السنوات تطور الاهتمام عبر توظيف التكنولوجيات الحديثة، لتصبح مراكز لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، وتعزيز استدامة البيئات البرية والبحرية، والعمل على استدامة مواردها وتنوعها البيولوجي.
هذا التسامح مع البيئة وعبر تعزيزه باستراتيجيات وخطط ورؤى مدروسة للقطاعات كافة، جعل من الإمارات نموذجاً للتعايش بين جنسيات العالم في دولة واحدة، وللتسامح الذي يجمع مئات الأديان والمعتقدات والأعراق في مجتمع واحد.
وكما ترسل الإمارات اليوم للعالم أجمع، رسالة محبة ودعوة لنبذ التطرف عبر استضافتها لقطبي الإسلام والمسيحية، فإنها ترسل ومنذ سنوات رسائل للمجتمع الدولي بأهمية وكيفية التسامح مع البيئة، رسائل تشمل تطبيق تجارب محلية ناجحة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، وخفض مسببات التغير المناخي، وتشمل مطالبات رسمية خلال المحافل الدولية المتخصصة بمزيد من الالتزام الدولي بحماية البيئة، والعمل من أجل المناخ، كما تشمل مساعدة للبشر في دول ومجتمعات عدة حول العالم في تحقيق هذا التسامح عبر التحول لمزيد من صداقة البيئة.
الإمارات وعبر هذا الدور، تخاطب العالم، وتؤكد له أن التسامح ليس معاملات يجب أن نفرضها بين البشر، بل هو سلوك وصفة تنبع من الفرد، وتنعكس على محيطه بالكامل من بيئة وبشر وحيوان ونبات، وتتحول لحالة مجتمعية قادرة على استيعاب الأشكال والأجناس والأعراق والمعتقدات كافة، وتخلق رادعاً قوياً لأي تطرف.

* وزير التغير المناخي والبيئة

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©