الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"2019".. عام الحراك العالمي

"2019".. عام الحراك العالمي
31 ديسمبر 2019 00:20

فقدان الثقة في الطبقة السياسية ورفض إجراءات خفض النفقات عبر رفع أسعار الوقود والخدمات ومحاربة الفساد، كانت عناوين الحراك الشعبي العالمي الذي شهده 2019، حيث انفجرت مظاهرات عارمة في عشرات الدول، فيما ركزت كاميرات الصحف والفضائيات على 15 دولة من الشرق الأوسط إلى أوروبا إلى أميركا اللاتينية، وصولاً إلى جنوب شرق آسيا.
عام 2019 يمكن أن نطلق عليه عام الاحتجاجات الشعبية، وربما المفارقة أنه بينما يخرج الشارع رافعاً رايات الرفض للطبقة السياسية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، فإن الصناديق الانتخابية تقود إلى حكومات أكثر ميلاً للسياسات المحافظة واليمين.
وفي عالمنا العربي، خرج الشارع رافعاً شعارات الدولة الوطنية القوية ورافضاً للسياسات الطائفية والمذهبية والتدخلات الخارجية في شؤونه.. مشهد أعاد الأمل في رفض سياسات وسياسيين تلاعبوا بالمشاعر الدينية والطائفية وكان بعضهم أداة في أيدي قوى خارجية لا تتمنى الخير لشعوب منطقتنا.

الجزائر.. تحولات سياسية كبرى
محمد إبراهيم (الجزائر)

2019 عام تاريخي في الجزائر، للتحولات السياسية الكبرى التي شهدتها البلاد خلاله، فالعام الذي بدأ بالترويج لفترة رئاسية خامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، انتهى بانتخاب رئيس جديد للبلاد هو عبد المجيد تبون، وما بين الحدثين جرت في النهر مياه كثيرة.
بداية العام كانت بالترويج لفكرة خوض بوتفليقة انتخابات الرئاسة لفترة خامسة رغم تدهور حالته الصحية جراء إصابته بسكتة دماغية في 2013، أقعدته عن الحركة، وهي الفكرة التي روج لها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في ذلك الوقت وقياداته ممثلة في معاذ بوشارب أمينه العام ورئيس المجلس الشعبي الوطني «الغرفة السفلى في البرلمان»، إضافة لبقية أحزاب الموالاة التجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي»، تجمع أمل الجزائر، والحركة الشعبية التي دعمت ترشح بوتفليقة للانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل الماضي.
وسرعان ما اندلع الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي بمظاهرات حاشدة في كل الولايات، رافضاً الفترة الخامسة لبوتفليقة الذي ألغى الانتخابات الرئاسية وقرر تمديد فترته الرابعة لحين وجود توافق وطني، وأقال الحكومة التي كان يرأسها حليفه أحمد أويحيى الأمين العام لحزب «الأرندي» وكلف وزير داخليته نور الدين بدوي بتشكيل حكومة جديدة.
إلا أن الحراك تواصل رافضاً كل خطوات بوتفليقة، وانضم له الجيش، حيث طالب الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان بتطبيق المادة 102 من الدستور الخاصة بالعجز الصحي للرئيس، إلا أن بوتفليقة استقال في 2 أبريل الماضي، وعُين عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا بالبرلمان) رئيساً مؤقتاً لمدة 90 يوماً، بحسب الدستور. ورغم استقالة بوتفليقة استمر الحراك وزادت مطالبه بتنحي كل رموز نظام بوتفليقة، وهو ما تحقق أغلبه بالفعل، ورأى الجزائريون من كانوا يحكمون البلاد لعقدين من الزمن وراء القضبان في واقعة غير مسبوقة.
وجاء شهر ديسمبر ليحمل معه الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها 5 مرشحين، وفاز بها تبون بعد حصوله على 58.15% من الأصوات ليبدأ عهد جديد في الجزائر.

السودان.. استعادة الوطن
أسماء الحسيني (الخرطوم، القاهرة)

أكمل السودان في 2019 ثورته التاريخية التي اندلعت رغم كل الظروف والتوقعات التي كانت جميعها تنفي تماماً إمكانية تنازل البشير وحكم الجبهة الإسلاموية عن الحكم طواعية. وظلت عدد من عواصم المنطقة والعالم في حيرة من أمرها إزاء ما يجري في السودان، وكانت تلك الحيرة نتيجة طبيعية لسياسات خارجية لنظام تربع على الحكم 30 عاماً، لكن سرعان ما تبخر هذا الوهم عندما خرجت جموع الشعب السوداني في منتصف ديسمبر 2018، ليحرقوا مقر الحزب الحاكم سابقاً «المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة، ولاحقاً في مدن سودانية أخرى، الأمر الذي أسقط تماماً الوهم والهيبة المزعومة في آن واحد. وبدأت أركان النظام المتربصة ببعضها البعض تلعب ذات اللعبة التي طالما مارسوها على أبناء وطنهم والدول المجاورة، الأمر الذي شعر به الشارع السوداني، وأدرك أن أجراس سقوط عهد «الجبهة» دقت، وأن عقارب ساعة التاريخ تشير إلى نزول الستار على نظام حكم سلب ثروات الوطن، وفرط في سيادته، وعذب أبناءه، وقتل منهم من قتل، وشرد الملايين لاجئين ونازحين حول العالم، وشوه ودمر علاقات السودان التاريخية مع أشقائه وجيرانه والعالم، حتى وضعته عواصم العالم في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وشكلت كل هذه الأسباب وغيرها دوافع قوية لثورة الشعب السوداني على نظام الجبهة الإسلامية، وامتلأت شوارع وميادين الولايات السودانية بالفتيات والنساء والشباب والرجال والأطفال وكبار السن حتى سقط النظام رسمياً في 11 أبريل لتكتمل المرحلة الأولى من الثورة، وتبدأ المرحلة الثانية التي كان من أهم تحدياتها الحفاظ على السودان من الفوضى، وخلق البديل لحكم البلاد، واستطاعت الأطراف السودانية التي قامت بالتغيير أو ساندته التوصل بعد 4 أشهر إلى إنجاز تاريخي آخر بالاتفاق بين القوى المدنية والعسكريين الذين انحازوا للثورة ورفضوا تنفيذ أوامر البشير بمواجهة المتظاهرين، من أجل تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي، وهو الأمر الذي فشلت فيه ثورات عديدة في المنطقة والعالم.
وبعدها دخل السودان في أغسطس الماضي إلى المرحلة الثالثة من الثورة، التي كان من أهم أولوياتها إعادة بناء مؤسسات الدولة.

العراق ولبنان.. انتفاضة ضد «الطائفية»
أحمد مراد (القاهرة)

مشهد 2019 العربي كان صورة صبايا وشباب العراق ولبنان وهم يرفعون شعار «لا للطائفية» و«لا للإملاءات الخارجية».. سنوات طويلة رزحت فيها الدولتان تحت نير «الطائفية» البغيضة وكأنها لعنة لا يمكن الفكاك منها، فتحت مسيرات هؤلاء الشباب والشابات باب أمل للخروج منها.
المطلب الرئيسي الذي طرحته المظاهرات في العراق ولبنان خلال 2019 كان إقصاء الطبقة السياسية الحالية والبحث عن طبقة سياسية جديدة. وأظهر الحراك في البلدين أن جمهوراً واسعاً أصبح فاقداً الثقة فيمن يحكمون اليوم ويرى أن البديل هو تغيير شامل للوجوه والآليات الطائفية. البداية كانت في بغداد في الأول من أكتوبر، حيث خرج آلاف العراقيين في مظاهرات عارمة احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وطالبوا باستقالة حكومة عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة، كما ندد المتظاهرون بالتدخل الإيراني في العراق.. هذه المسيرات اعتقدت أغلب وسائل الإعلام بل والنخبة العراقية الحاكمة أنها مجرد «زوبعة في فنجان» سرعان ما ستخمد وتنتهي وأن قواعد اللعبة القائمة على المحاصصة الطائفية قادرة على غلق الباب على الاحتجاجات في الشارع. ولكن قوة الشباب الذي ولد بعد 2003 ورأى أن نخبته غير قادرة على الإنجاز، وتوفير الوظائف والخدمات، نجحت في كسر غرور النخب الطائفية، وفشلت وعود رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي في إخماد المسيرات وكسر شوكة معركة «الجسور» الشهيرة في بغداد. وبحسب تقارير دولية فقد لقي أكثر من 460 عراقياً مصرعهم وأصيب أكثر من 17 ألفاً خلال المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن والميليشيات الطائفية. ونجحت الانتفاضة العراقية في دفع عادل عبد المهدي إلى الاستقالة في 30 نوفمبر إلى جانب تقديم مسؤولين في الشرطة والقوات الأمنية للمحاكمة وعزل آخرين.
وفي لبنان، كسر «واتساب» حاجز الصمت والخوف من مواجهة الطبقة السياسية التي استقرت على توازنات طائفية من دون حساب، فلم يكن أحد يدرك أن قرار الحكومة اللبنانية بفرض ضرائب على تطبيقات المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت وتطبيق «واتساب» سيهز عرش التوازنات الطائفية الحاكمة، حيث خرج شباب لبنان إلى الشوارع في 17 أكتوبر ليعلن رفضه ليس فقط للقرار بل للطبقة السياسية الحاكمة ولعبة الطائفية البغيضة. احتجاجات بيروت وطرابلس والمدن اللبنانية أجبرت سعد الحريري وحكومته على الاستقالة في 29 أكتوبر، فيما لم يخف زعيم ميليشيات «حزب الله» حسن نصر الله غضبه من المسيرات التي هتفت ضد الجميع بشعارها الأثير «كلن يعني كلن.. نصر الله واحد منن»، هذا الشعار الذي أسقط «قدسية» مزيفة لنصر الله. غضب «حزب الله» من المسيرات ترجمه في دفع أنصاره وأنصار حركة «أمل» إلى الصدام مع المتظاهرين أكثر من مرة ولكن الجيش والأمن اللبناني نجحا في منع الصدام وأثبتا أنهما قادران إلى اللحظة على منع تدهور الأمور إلى نذير «حرب أهلية» جديدة تأكل الأخضر واليابس. إجمالاً، نجح الحراك اللبناني في تجاوز تحذيرات حسن نصر الله ومحاولة أنصاره فض المسيرات والاعتصامات، بل أفشل محاولات فرض رئيس للحكومة من دون استشارات برلمانية، ولكن مع دعوة المتظاهرين إلى تغيير الطبقة السياسية ومحاربة الطائفية والفساد، فإن الطبقة السياسية في لبنان وعلى رأسها الرئيس ميشال عون لم تخرج عن الدائرة المرسومة من بداية التسعينيات إلى اليوم. ولعل استمرار الجمود السياسي في لبنان والبحث عن رئيس للحكومة قاد إلى أزمة اقتصادية ومعضلات في توفر الوقود والعمل في المصارف، إلا أنه يبقى الأمل اللبناني في تغيير قواعد اللعبة السياسية خلال 2020. ولكن تظل محاولات «حزب الله» وحلفائه في الإبقاء على القواعد القديمة مستمرة وهو ما ظهر في تكليف حسام دياب بتشكيل الحكومة الجديدة لتظل أسئلة 2020 هي نفس أسئلة 2019 في لبنان.

إيران تشتعل بسبب البنزين
في إيران، تسبب قرار زيادة سعر البنزين بنسبة 300% في اندلاع احتجاجات شعبية واسعة النطاق، بدأت في 15 نوفمبر الماضي في منطقة الأحواز، وانتقلت إلى بقية أرجاء إيران بما فيها العاصمة طهران والمدن الكبرى، وتواصلت الاحتجاجات لأسابيع متوالية، وامتدت إلى أكثر من 100 مدينة، وأغلق أصحاب المحال في طهران وأصفهان محالهم. وأعلنت منظمة العفو الدولية مقتل أكثر من 150 متظاهراً، ويبدو أن آلة القمع نجحت مؤقتاً في وقف المسيرات الإيرانية، ولكن «شبح» اشتعال الاحتجاجات مازال مستمراً ويجوب فوق المدن الإيرانية في 2020.

فرنسا.. «السترات الصفراء» تحكم
في فرنسا، تواصلت احتجاجات حركة «السترات الصفراء» التي انطلقت في مايو 2018، وفي منتصف مارس 2019 تحولت المظاهرات في باريس إلى مواجهات وصدامات مع قوات الأمن. وفي 13 أبريل، تظاهرت الحركة في باريس وغيرها من المدن والأرياف الفرنسية، حيث بلغ عدد المتظاهرين نحو 7500 شخص في مختلف أنحاء البلاد. وفي 7 سبتمبر، وللأسبوع الـ 43 على التوالي، خرج مئات المتظاهرين من «السترات الصفراء» إلى الشوارع الفرنسية لتحقيق مطالبهم.

روسيا.. مظاهرات أغسطس
في روسيا، شارك آلاف الروس في أوائل أغسطس في مظاهرة دعت إليها المعارضة للمطالبة بانتخابات محلية حرة في الاقتراع الذي كان مقرراً له يوم 8 سبتمبر.
وخرجت المظاهرات احتجاجاً على رفض ترشيحات 60 مستقلاً للانتخابات في موسكو. وفي 31 أغسطس، خرج الآلاف إلى شوارع للمطالبة بانتخابات حرة للمجلس التشريعي للعاصمة الروسية.

هونج كونج.. موجة غضب
في هونج كونج، انفجرت موجة غضب عارمة، شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين للمطالبة بسحب مشروع قانون تسليم المجرمين الهاربين الذي اقترحته الحكومة.
واستجابت الحكومة لمطالب المتظاهرين، وسحبت مشروع القانون، لكن المحتجين تقدموا بمطالب أخرى مثل الاقتراع العام والتحقيقات في تعامل الشرطة.

أميركا اللاتينية.. مظاهرات لا تتوقف
الشوارع في أميركا اللاتينية لم تخلُ من المتظاهرين طوال 2019 من بوليفيا إلى تشيلي مروراً بفنزويلا والبرازيل والإكوادور.. صراعات سياسية وجدت الشارع ساحة صراع انتهت بعزل الرئيس في بوليفيا، وتغير الحكومة في تشيلي، وسلطة برأسين في فنزويلا..
في بوليفيا، انتهى عصر اليسار بعزل الرئيس إيفو مورالس (2006-2019) بعد أن أجبرته قيادات الجيش والشرطة على الاستقالة في ظل مسيرات ضخمة احتجاجاً على إعادة انتخابه واتهامه بالتلاعب في النتائج. وهي الاحتجاجات التي كادت أن تقود البلاد إلى حافة الهاوية.
وفي تشيلي، رفع المتظاهرون شعارات «لا للتقشف ولا للتفاوت الاجتماعي» في مسيرات شارك فيها أكثر من مليون متظاهر خرجوا إلى شوارع العاصمة التشيلية سانتياغو في 26 أكتوبر 2019.
بدأت الاحتجاجات في تشيلي التي انتهت بالاستجابة لمطالب المتظاهرين وإقالة الحكومة في صورة حملة طلابية لتجنب دفع الأجرة في مترو العاصمة رداً على ارتفاع أسعار التذاكر.
وفرض الحراك التشيلي على رئيس البلاد بينييرا تبني قرار زيادة المعاش 20% ووقف زيادة الرسوم المفروضة على الكهرباء، وقال صراحة: «لقد سمعت الرسالة» وفي فنزويلا، كاد هتاف الآلاف يسقط الرئيس مادورو، فالمسيرات لم تتوقف تقريباً طوال العام بين مؤيد ومعارض في أعقاب تنصيب الرئيس الفنزويلي اليساري للمرة الثانية وتصاعد الصراع السياسي بينه وبين رئيس البرلمان (الجمعية الوطنية) خوان جوايدو.
ومع نهاية العام هدأت الأمور نسبياً في فنزويلا، ولكن الجميع ينتظر اشتعال الصراع مجدداً بين مادورو وجوايدو وتداعياته على الفوران في الشارع والاحتجاجات التي تهدأ قليلاً في شوارع العاصمة كراكاس. وفي الإكوادور، تظاهر الآلاف من السكان الأصليين في العاصمة كيتو، احتجاجاً على إجراءات تقشف أشعلت أسوأ اضطرابات منذ سنوات، ودفعت الرئيس لينين مورينو لاتهام معارضيه بالقيام بمحاولة انقلاب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©