الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سعيد القبيسي يناجي النفس عبر التلهف والحنين

سعيد القبيسي يناجي النفس عبر التلهف والحنين
21 أغسطس 2011 01:01
في المجموعة الشعرية “حضن الفراغ” للشاعر الشاب سعيد عتيق القبيسي، الصادرة عن مشروع “قلم” التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث والذي يعنى بالادب الإماراتي، يطغى عنوان المجموعة بكل دلالاته على النصوص، حيث تغلب على قصائد الكتاب الإثني عشر، سمة الرقة التي تناجي النفس باعتبارها غريبة عما حولها، وهي في سعي دائم لإدراك منالها عبر التلهف والحنين، سواء أكان المعني بالمخاطبة وطن، حبيبة أو ذات الشاعر نفسها. ويطرح هذا الكتاب الذي يمثل باكورة إنتاج الشاعر، فكرته الشعرية مبسطة من خلال تركيزه على قاموس معين من الكلمات التي تتحدد بهوية روح تائهة؛ في ثوب طفولي. مما قد يجعل القارئ ينتبه إلى أن هَم القبيسي الشعري ليس محصوراً في القصائد وعددها أو في كونها أصبحت كتاباً، بل أن فكرته كشاعر ممتدة في طبائعه الشخصية. فهذا النوع من المناجاة الشعرية يوحي دائماً بروح الصلوات في الخلاء. ففي قصيدة “حضن الفراغ” وهي قصيدة التفعيلة الوحيدة، مع قصيدة “إني أراك” نقرأ: كَطفلٍ أحبك كًطفلٍ يتيم نما في الفراغ أحبك بقدر ولاء الفراغ أحبك كحاجة هذا الفراغ إلى زمن يذكره كحاجة هذا الفراغ إلى أمل يحضنه أحبك. (.....) كوعد الفراغ نسى أنه كان يرقب لا شيءَ إلا الفراغ. (......) وتلك العقارب تلدغ بين الدقائق كل معاني الحياة. إنها هذه التوأمة بين شعرية شخصية ترى العالم مُنتهٍ أصلاً رغم استمراريته، وبين إقرار بعدم القدرة على تغيير أي شيء، سوى القول بكلاهما معاً. إني أراك وأرى انكسارك في تلبسك الشموخ وأرى شموخ تكسرك وأرى حطامك (.....) وأرى غبار تحطمك. هذه هي الحال، في العشر قصائد العمودية الأخرى أيضاً، إذا استثنيا قصيدة “السيرة والمسيرة” المكتوبة بمناسبة مرور ستة سنوات على رحيل المغفور له، الشيخ زايد. إذ نجد نفس الإلتماعات الوجودية تلك: فمثلا هذه المختارات من قصائده، تذهب بنا لتلمس هذه السمة التي تم الإشارة لها بطرق مختلفة سابقا: “تراب بأقدامِ الأحبة يحلمُ وبيتٌ على درب الرحيل مُهَدَمٌ”?... “فعانقني فيها التراب وضمني فمن أنتَ يا هذا الترابُ ومن هُم؟” ..... “عراة كلنا نمشي حفاة وينثرنا الشقاء والاضطراب” .... “وعشت في عالم النسيان مختبئاً طيراً كسيراً بلا ريش ولا ساق” ... “أذوبُ لكي أنير جواب صمتي أشد إلى احتمالاتي الرحالا” يبدو من الوهلة الأولى أن هناك تركيز على اختيار أبيات بعينها، لكن حقيقة شعر القبيسي تسبح في هذا المناخ العدمي بعمق، إلى الحد الذي يصبح معها رؤيته للعدم رمزاً لكل مواضيعه، ولا نشير هنا إلى أي نوع من التشاؤم الوجودي، بالقدر الذي نحاول أن نبين فيه منطقة القوة التي تنطلق منها شعريته. حتى عناوين أغلب القصائد تشي بذلك وبلا عناء: “حنين التراب”، “حضن الفراغ”، “غصن الخلود”، “احتراق في القاع”. تبقى إشارة أخيرة، هي أمنية لاحقة على ما سبق، وقد تم فعلاً بنشر الكتاب، ألا وهي أن القصائد كانت بحاجة إلى تحريرها، لتخليصها من عدة أسطر عَطَّلت جزءا أساسياً من شعريتها، ولو أن الكتاب صادر أصلاً في ستة وثلاثين صفحة، لكن ما المانع إن صدر في ستة وعشرين صفحة. يُشار إلى أن الشاعر سعيد عتيق القبيسي، من مواليد أبوظبي، كتب الشعر الفصيح في سن مبكرة، وترعرع في بيت أدب وثقافة، فوالده الشاعر النبطي والملحن “عتيج سيف بن بطي القبيسي”. يعمل الآن في مشروع “كلمة” للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، كما يقوم بإكمال دراسته العليا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©